قال الشهيد سيد قطب رحمه الله:"إن كلماتنا ستبقى ميتةً لا حراك فيها هامدةً أعراساً من الشموع، فإذا متنا من أجلها انتفضت وعاشت بين الأحياء، كل كلمة قد عاشت كانت قد اقتاتت قلب إنسان حي فعاشت بين الأحياء، والأحياء لا يتبنون الأموات .. "
===========
فهذا صاحب الظلال رحمه الله كان قتله انتصاراً لمنهجه الذي عاش من أجله ومات في سبيله، بذل حياته كلها من أجل أن يبين أن الحكم من أمور العقيدة والتحاكم إلى غير شرع الله، والحكم بغير حكمه كفر بالله عز وجل: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [يوسف:40]،وقال تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]،وبعد أن حكم عليه بالإعدام وقبل أن ينفذ فيه الحكم الظالم كتب هذه الأبيات وكتب الله عز وجل لها الحياة وخرجت من وراء القضبان تقول للعالم.
أخي أنت حر وراء السدود ...... أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما ...... فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي ستبيد جيوش الظلام ...... ويشرق في الكون فجر جديد
أخي إن نمت نلق أحبابنا ...... فروضات ربي أعدت لنا
وأطيارها رفرفت حولنا ...... فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إن ذرفت عليّ الدموع ...... وبللت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ...... وسيروا بها نحو مجد تليد
فرحمة الله على صاحب الظلال ورحماته. قال عنه أحد الشيوعيين وهو في سجنه: إنني أتمنى أن أقتل كما قتل وينشر مبدئي وكتبي كما انتشرت كتبه.
نعم، لقد وجدنا مطابع النصارى في لبنان تسارع إلى طباعة ونشر كتبه بعدما قتل من أجلها، وهذا ما قصده رحمه الله عندما قال: إن كلماتَنا وأقوالَنا تظل جثثاً هامدة، حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بدمائنا عاشت وانتفضت بين الأحياء.
إنه نصر وأيّ نصر، إنه أعظم وأجلّ من انتصارات كثير من المعارك والتي سرعان ما تنتهي بانتهائها، أما هذا النصر فإنه يبقى ما شاء الله أن يبقى.