وعلى الرغم من وجود قائمة طويلة من التهم التي كان من الممكن أن يُرمى بها الإسلاميون، إلا أن الإعلام ومن تأثر به ممن لا يتقي الله في إخوانه قد آثر أن ينتقي من بينها كلها تهمة (المتاجرة بالدين)،ولو كان المجتمع معتادا على استخدام مصطلح (النفاق) لبادروا بالتصريح به، وهي أشد التهم وطأة على القلوب، إذ أن المؤمن الصادق قد يتحمل شتى الافتراءات ومختلف الطعونات في عرضه، أما الرمي بالنفاق والغدر والخيانة، فلها وقع مختلف كما لا يخفى، وقد كان من أشد البلاء الذي لاقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قيل عنه (ساحر كذاب)،ولذا فقد واساه ربه في أكثر من موضع، وهوّن عليه حين قال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} [الأنعام:33،34].

----------

وفي نظري، فإن أبلغ ما يبين مقدار الظلم الواقع على القوم، هي تلك الثنائيات التي تبين بلوغ القوم في التناقض منتهاه، لو تأملها منصف للاح له كيف جافى هؤلاء -عفا الله عنهم- العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فعلى سبيل المثال:

-مثّلت الأفلام والمسلسلات شتى التوجهات الفكرية والأخلاقية وأظهرت أصحابها في أبهى صورة، بينما لا تجد مسلسلا أو فيلما واحدا قدّم لنا رجلا متدينا ناجحا، بل إما (إرهابي) يفجر ويكفّر، أو (درويش) لا يفقه شيئا في دنيا الناس، أو (صاحب شركة توظيف أموال)،أطلق لحيته ليتاجر بالدين.

-حكم الاشتراكيون والقوميون وغيرهم البلاد من قبل، وأُعطوا الفرصة كاملة، وتفاوتت درجات نجاحاتهم وإخفاقاتهم، أما الإسلامي، فمحكوم على مشروعه بالفشل قبل أن يخطه على الورق.

-إن طرحت كل الطوائف رؤيتها للدستور كان ذلك رقيا حضاريا وإثراء للحراك السياسي، فإذا ما تهور إسلامي وطرح نموذجا لدستور إسلامي، صار على الفور واضعا لبذور الفتنة الطائفية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015