أمِيْرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ إِنَّ هَؤُلاءِ اتَّخَذُوكَ سُلَّمَاً لِشَهَوَاتِهِمْ، فَكُلُّهُمْ يُوقِدُ عَلَيْكَ نَارَهُ، ثُمَّ تَلا «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ» [الْفَجْرُ: 6] إِلَى أَنْ بَلَغَ «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ» [الْفَجْرُ: 14]،يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِمَنْ عَمَلَ مِثْلَ أَعْمَالِهِمْ، وَفَعَلَ مِثْلَ فِعَالِهِمْ، يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِين، لَوْلا أنَّهَا مَضَتْ عَنْ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ وَارِثُ مَنْ مضى وَمُورَثٌ غَدَاً، وَقَادِمٌ عَلَى رَبِّكَ، وَمَجْزِيٌّ بِعَمَلِكَ، فَاتَّقِ لَيْلَةً تَمَخَّضُ عَنْ يَوْمٍ لا لَيْلَةَ بَعْدَهُ، وَهِي لَيْلَةُ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَخَلَعَ أبُو جَعْفَرٍ خَاتِمَهُ، وَقَالَ: دُونَكَ مَا وَرَائِي يَا أَبَا عُثْمَانَ، فَادْعُ لِي أَصْحَابَكَ وَاسْتَعْمِلُهُمْ، فَوَاللهِ؛ إِنِّي لآمُرُ عُمَالِي بِالْعَدْلِ، وَأَكْتُبُ ذَلِكَ فِي عُهُودِهِمْ، قَالَ: كَلاَّ، ادْعُ أَصْحَابِي لِعَدْلٍ تُظْهِرُهُ، وَاطْرُدْ هَؤُلاءِ الشَّيَاطِينَ عَنْ بَابِكَ، لأَنَّ أَهْلَ الدِّينِ لَنْ يَأْتُوكَ، وَهَؤُلاءِ بِبَابِكَ، لأنَّهُمْ إِنْ عَمِلُوا بِمَا يُرْضِيكَ أَسْخَطُوا خَالِقَهُمْ، وَإِنْ عَمِلُوا بِمَا يُرْضِي خَالِقَهُمْ أَسْخَطُوكَ فَأَرْشَوْكَ، وَلَكِنْ اسْتَعْمِلْ عَلَى الْعَمَلِ الْوَاحِدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةً، كُلُّمَا رَابَكَ وَاحِدٌ فَاعْزِلْهُ، وَوَلِّ غَيْرَهُ، فَوَاللهِ؛ لَوْ عَلِمَ هَؤُلاءِ أَنَّكَ لا تَرْضَى مِنْهُمْ إِلا بِالْعَدْلِ، وَلا تُقَرِّبُهُمْ إِلا عَلَيْهِ، لَقَدْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ بِهِ مَنْ لا نِيَّةَ لَهُ فِيهِ، وَلا حِسْبَةَ، ثُمَّ قَامَ، فَخَرَجَ. (?)

----------

لا يقول لك أحد حولك أخطأت:

أنت أيها الحاكم لا يتجرأ أحد ممن حولك أن يقول لك: أخطأت أو أن الأمر على غير هذه الصفة فقدوتك المثلى فرعون وأمثاله من الطغاة

أيها الحاكم لقد قربت الفساق والفجار وأقصيت الأخيار الأبرار، فعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّتِي تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ عَمَلًا فَأَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا صَالِحًا، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ» (?)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: " مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى " (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015