ينتشر فيها الوعي السياسي السلبي، والاتجاه السلفي الإحيائي، الذي يعطي هالة كبيرة للتراث وما يتضمنه من إنتاج فكري وسياسي.
تبرز القيمة الحقيقية لـ"الحرية أو الطوفان"،أنه يعيد قراءة النصوص الشرعية السياسية بما يناهض قيم الطاعة والخضوع والاستسلام للسلطة السياسية ومصادرة حق المعارضة والحريات العامة، وبالإضافة إلى تأكيد الكتاب على مفهوم العقد السياسي المشروط ومفهوم السلطة المقيدة وسحب البساط من تحت نظرية تسويغ الاستبداد، والكتاب يقدم رؤية نقدية للتراث تربطه بمراحل تطوره وشروطه التاريخية وتنزع عنه الهالة التي لبسها لدى العديد من الناس.
ويؤسس المطيري لشرعية مفهوم الثورة في الفقه السياسي الإسلامي لينقله من دائرة "الحرام" إلى دائرة "الواجب" إذا أخل الحاكم بعقده مع الشعب، وهي مقاربة على الرغم من ارتباطها، في كتاب المطيري، بالنسق الإسلامي العام، إلاّ أنها تذكرنا بوضوح برؤية جان لوك رائد الليبرالية السياسية ونظريته في العقد الاجتماعي ... من ناحية أخرى تمثل مقالة المطيري استئنافا لجزء حيوي من مضمون الخطاب الإصلاحي الأول خاصة في مجال العقلانية والواقعية التي تسمح أكثر بالاقتراب من الإصلاح السياسي وإعلان الحرب على ميراث الاستبداد والطغيان المحشو في تراثنا الفكري وخبرتنا التاريخية) انتهى.
لقد كان كل ما يحتاجه الشباب الإسلامي- الذي يمثل أوسع التيارات الشعبية في العالم العربي - هو الخطاب الإسلامي الذي يبعث فيه الروح الثورية من جديد، تلك الروح التي طالما دعا لها سيد قطب في كتبه، وأطفأها الخطاب التقليدي الذي يفتقد لروح التجديد والمبادرة، وقد وجد الشباب في كتاب (الحرية أو الطوفان) بغيتهم، فصار دستور الحركة الثورية الشبابية الجديدة في أوساط التيار الإسلامي في كل بلد، كما ستكشفه عشرات الرسائل التي سيقف عليها القارئ لهذه الأسطورة!
لقد كان للتيار الإسلامي التقليدي دور رئيس في تكريس هذا الواقع السياسي بسبب تحالفاته مع السلطة في كثير من الدول العربية، وكان لا بد من بعث الروح في أجياله الجديدة دون مواجهة مباشرة مع قياداته!