كما اقتصرت في مجموعة المقالات على ما كان منها قبل حدوث الثورة بأشهر تقريبا، وعلى الرسائل التي لا تتجاوز سنة 2006م، دون المقالات والرسائل القديمة لكثرتها من جهة، ولأن الأخيرة هي التي يصدق عليها أنها إرهاصات ومقدمات للثورة، كما هو عنوان الكتاب، حيث كان احتلال بغداد ثم حرب غزة وحصارها أحد أهم الصواعق الرئيسة للثورة العربية!
كما إن هذا الكتاب هو الجزء الأول من قصة الثورة العربية في موجتها الأولى، وأما الجزء الثاني والثالث، فبعد الموجة الثانية والثالثة التي نعيش إرهاصاتها حتى تستوي سفينة الثورة على جودي الحرية في المنطقة العربية كلها، ويتوج النصر بإذن الله بتحرير العراق وفلسطين ..
إنني أروي في هذا الكتاب قصة هذه الأسطورة - التي هي أشبه بالخيال منها بالواقع، وبالأحلام منها بالحقائق - لا لأني من أبطالها، بل أبطالها هم كل العرب الأحرار، والشباب الثوار، ممن امتلأت بهم سجون الطغاة قبل الثورة، والملايين التي خرجت في كل المدن والميادين للإعلان عن كفرها بالطاغوت، ورفضها للطغيان، وتحديها للطغاة!
وإنما أروي هنا قصة الثورة كشاهد على هذا الواقع، وكعربي عاش بؤس أمته وشقاءها، مدة ثلاثين سنة، منذ اتفاقية كامب ديفيد إلى عصر الثورة البوعزيزية!
إن هذه الرواية قد لا تكون قصة الثورة فعلا بقدر ما هي نظرتي وروايتي لها، حيث الزاوية التي أنظر منها، والتلال التي أقف عليها، وأشرف منها على الأحداث حين شاهدتها، والوقائع كما عشتها، كملايين العرب الذي عاشوها وشاهدوها، وربما أكون أقدر على روايتها ممن صنعوها!
لقد كانت الأرض العربية من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر، تزفر بحرقة منذ احتلال العراق، فلا أحد ينتبه لزفراتها، ولا يحس أحد بحرقتها وحرارتها، وتئن ولم يفهم كثيرون معنى أنينها، وكنت ممن أرهفوا سمعهم لها، وفهموا لغتها، وعزفوا ألحان حزنها، وقد تنبأت بحدوث الثورة وأخبرت عنها، ودعوت لها، وبشرت بها، ولم تكن كتاباتي آنذاك أحلاما - كما قيل عني حينها - ولا أوهاما، بل هي القراءة الصحيحة للسنن والنواميس الإلهية {وَقَالَ الَّذِينَ