تتزاحم الأفكار والمبادئ أمام الإنسان فيؤثر منها ما يراه أولى بالاعتناق وأجدر بالاتباع، فإذا اختار فكرة ما خلطها بشعوره، ورأى على توالي الأيام أنها أصبحت شطر نفسه، ثم تمتزج بعقله وعاطفته فيصدر عنها في تصرفاته ويحب ويكره على أساسها، وتزداد الفكرة تغلغلاً في وعي المرء، فبعد أن كان يدفع عنها كما يدفع عن نفسه، يفتديها بنفسه وأولاده وما يملك". (?)

كل هذه الآيات والآثار وغيرها، تنفي الإكراه في الدين، وتثبت حق الإنسان في اختيار دينه الذي يؤمن به.

هذا ويترتب على حرية الاعتقاد ما يلي:

1) إجراء الحوار والنقاش الديني

1) إجراء الحوار والنقاش الديني، وذلك بتبادل الرأي والاستفسار في المسائل الملتبسة، التي لم تتضح للإنسان، وكانت داخلة تحت عقله وفهمه -أي ليست من مسائل الغيب - وذلك للاطمئنان القلبي بوصول المرء إلى الحقيقة التي قد تخفى عليه، وقد كان الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يحاورون أقوامهم ليسلموا عن قناعة ورضى وطواعية، بل إن إبراهيم -أبا الأنبياء عليه السلام -حاور ربه في قضية ((الإحياء والإماتة)) ليزداد قلبه قناعة ويقيناً وذلك فيما حكاه القرآن لنا في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260].

بل إن في حديث جبريل عليه السلام، الذي استفسر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ((الإسلام)) و ((الإيمان)) و ((الإحسان)) و ((علامات الساعة)) (?) دليل واضح على تقرير الإسلام لحرية المناقشة الدينية، سواء كانت بين المسلمين أنفسهم، أو بينهم وبين أصحاب الأديان الأخرى، بهدف الوصول إلى الحقائق وتصديقها، لا بقصد إثارة الشبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015