وكذا القضايا الخلافية التي اشتهرت فيها أقوال الأئمة وسلف الأمة، فمن أخذ بقول بعضهم بدليله طاعة لله ورسوله، لم يجب عليه الرجوع إلى الفقهاء المعاصرين، إذ سؤالهم واجب على من لا يعرف الحكم أما من عرفه بدليله فلا يجب عليه السؤال.
أما ما الذي يجب على المسلمين إذا عجزوا عن دفع عدوهم عجزا كليا بالقوة والقتال، واستقر الأمر للعدو الكافر في أرضهم، أو لمن نصبه العدو الكافر من أوليائه وحزبه، فالواجب الصبر وإعداد العدة، إذ الخطاب الشرعي يظل متعلقا بحال القدرة، ولا يسقط عنهم فرض دفعه ومقاومته، بل يجب العمل بكل وسيلة أخرى غير القتال كالمقاومة السلمية، والعصيان المدني، والعمل السري، حتى تتحرر أرضهم، كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» (?)
ويكون الحاكم في هذا الحال سلطانا وحاكما بحكم الأمر الواقع لا بحكم الشارع، وحال المسلمين معه كحالهم تحت سلطان الكافر، فالخضوع لسلطانه ليس لكونه ولي أمر شرعي تجب موالاته ونصرته، بل هو ذو سلطان قهري يتقي المسلمون منه تقاة، حتى يفرج الله عنهم، فإن استطاعت طائفة منهم مقاومته فالواجب نصرتها، ومن لم يستطع نصرتها، فلا يقاتلها معه. هذا والله أعلم. (?)
- - - - - - - - - - - - -