المبحث الخامس والعشرون
الإعلام ببطلان القول بوجوب الطاعة والاستسلام لمن نصبه العدو الكافر في أرض الإسلام
ما صحة الفتوى بوجوب السمع والطاعة للحاكم الذي نصبه العدو الكافر في بلد إسلامي، بدعوى أن النبي يوسف كان وزيرا لملك مصر، وهو الذي ولى يوسف أمر خزائن الأرض كما جاء في القرآن؟ وما حكم من يفتي بذلك؟ وهل يسوغ تقليده؟ وما الذي يجب على المسلمين إذا استقر الأمر لمثل هذا الحاكم على القول ببطلان ولايته؟
الجواب:
الحمد لله ولي المؤمنين، وصلى الله وسلم على إمام الموحدين، محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد كثر السؤال عما أثاره بعض الشيوخ في وسائل الإعلام من شبه هدمت من الدين الفرع والأصل، وصادمت من الأدلة الشرع والعقل، ومنها هذه القضية التي طرحها ذلك الشيخ على الناس ولم يسبقه إليها أحد من الأئمة، ولا سلف الأمة، بل صادم بها قطعيات النصوص الشرعية، وأحكامها القطعية، وهذا بيان وجه بطلان هذا القول أصلا وفرعا:
فمن المعلوم بالأدلة القطعية أن السمع والطاعة إنما هما فرع من فروع أصل الموالاة، وهي - أي الموالاة - أصل من أصول الإسلام، وركن من أركان الإيمان، وقد نص القرآن على هذا الأصل العظيم في آيات كثيرة، ورتب عليه أحكام خطيرة، ومن ذلك:
1) أن الله جعل نفسه ولي المؤمنين، وجعل الطاغوت ولي الكافرين، كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:257] والولي هو النصير والظهير.