المبحث الثاني والعشرون (الثورة الأخلاقية شرط النهضة الحضارية)

المبحث الثاني والعشرون

(الثورة الأخلاقية شرط النهضة الحضارية)

أيها العرب الأحرار، والثوار الأبرار، في العالم العربي من الخليج إلى المحيط ..

إنكم اليوم وأنتم تصنعون المجد، وتحيون الأمل، وتبعثون الحرية في نفوس شعوبكم من جديد، وتخطون طريق المستقبل بعزيمتكم الصابرة، وبمداد دمائكم الطاهرة، من أجل واقع سياسي عربي أفضل، بثورتكم العربية التي ضربت أروع المثل في سلميتها وإنسانيتها وتحضرها، في مقابل طغيان الطغاة وفجورهم وشدة بطشهم وإجرامهم وتخلفهم ..

أيها الثوار الأحرار ..

إنكم وأنتم تصنعون ذلك وتستقبلون عهدا جديدا لفي أشد الحاجة إلى مراجعة النفس والصدق معها ومحاسبتها، لمعرفة كيف بلغ الطغيان في أمتنا إلى هذا الحد حتى سالت دماء الأبرياء أنهارا، وانتهك الطغاة أعراض الحرائر مرارا وتكرارا، وتحول العالم العربي إلى إقطاع لعصابات إجرامية، ما كان لها أن تحكم أو تسود لولا أن الأمة قد أصيبت في أخلاقها بمقتل!

(وإذا أصيب القوم في أخلاقهم .... فأقم عليهم مأتما وعويلا)!

---------

أيها العرب الأحرار ..

إذا كانت الثورة العربية اليوم ضرورة فرضها الواقع السياسي بعد انحطاط دام ثلاثين سنة، فإن الثورة الأخلاقية التي يجب أن تواكب الثورة السياسية ضرورة يفرضها الواقع الاجتماعي، وشرط للنهضة الحضارية المنشودة، فالعرب اليوم أحوج إلى ثورة أخلاقية منهم إلى ثورة سياسية - قد تعود بعدها أوضاعهم إلى سابق عهدها ما لم يواكبها ثورة إحيائية روحية وأخلاقية - يرتقي بها الإنسان العربي إلى مقام الشهود الحضاري الذي عبر عنه قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015