وكذلك يشترط في الرئاسة العامة للدولة في الإسلام أن يكون رئيسها مسلما، فشرط السمع والطاعة هو للإمام المسلم، الذي تختاره الأمة وكيلا عنها في سياسة شئون الدولة وفق أحكام الإسلام، وهذا الأصل الذي يتحقق به وصف الدولة بأنها دار إسلام، وهو أن تكون الشوكة فيها للأمة، والكلمة فيها للإسلام، وهذه قضية إجماعية قطعية، وأما ما دون ذلك من المناصب السياسية فقد لا يشترط فيها ذلك، كما في الأحكام السلطانية من عدم اشتراط الإسلام لوزارة التنفيذ، كما في مآثر الإنافة في معالم الخلافة: (" الضَّرْب الأول وزارة التَّفْوِيض وَهِي أَن يستوزر الإِمَام من يُفَوض إِلَيْهِ تَدْبِير الْأُمُور بِرَأْيهِ وإمضائه على اجْتِهَاده وَهِي أجل الولايات بعد الْخلَافَة قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فَهُوَ ينظر فِي كل ماينظر فِيهِ الْخَلِيفَة الضَّرْب الثَّانِي وزارة التَّنْفِيذ وَالنَّظَر فِيهَا مَقْصُور على رَأْي الإِمَام وتدبيره والوزير فِيهَا وَاسِطَة بَينه وَبَين الرعايا والولاة يُؤدى عَنهُ مَا أَمر وَينفذ مَا ذكر ويمضى مَا حكم ويجيز تَقْلِيد الْوُلَاة وتجهيز الجيوش وَنَحْو ذَلِك وَرُبمَا عبر عَن هَذَا الْوَزير بالوساطة وَقد أجَاز الْمَاوَرْدِيّ فِي هَذَا الْوَزير أَن يكون ذِمِّيا وَأنْكرهُ عليهإمام الْحَرَمَيْنِ إنكارا شَدِيدا") (?).

وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: (وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَزِيرُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَزِيرُ التَّفْوِيضِ مِنْهُمْ،) (?).

وقال الفراء:" وقد قيل: إنه يجوز أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَزِيرُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وإن لم يكن وزير التفويض منهم، إلَّا أَنْ يَسْتَطِيلُوا فَيَكُونُوا مَمْنُوعِينَ مِنْ الِاسْتِطَالَةِ." (?)

وقد اشترط فيه الأمانة والكفاءة والنصيحة للأمة .. الخ

ووزير التفويض هو أشبه برئيس الوزراء في النظام البرلماني، بينما وزير التنفيذ هو أشبه برئيس الوزراء في النظام الرئاسي، وقد أجاز الماوردي في وزير التنفيذ أن يكون غير مسلم، وهذا الرأي وإن كان قولا مرجوحا في الفقه، إلا إنه عند الحاجة يعمل به، كما إذا كان غير المسلمين في الدولة يمثلون نسبة كبيرة كالنصف أو الثلث مثلا، ولا يتم تأليفهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015