المطلب الثالث
تحرير المصطلحات مطلوب شرعا وجوهر الديمقراطية لا يخالف الإسلام
ج2:هذه الألفاظ (الدولة المدنية والديمقراطية والتعددية) ألفاظ مجملة لا يترتب عليها حكم قبل البيان، وإنما يترتب الحكم الشرعي على حقائقها بعد تحديد المراد منها، حتى لا يرد ما فيها من الحق، ولا يقبل ما فيها من الباطل!
فالدولة المدنية تقابل في ثقافة الغرب المسيحي الدولة الدينية (الثيوقراطية) وهو حكم رجال الدين، التي عاشته أوربا قرونا طويلة، ويتم الحكم فيها من قبل الملوك بمباركة البابا وتفويضه لهم باسم الله، حيث تحالفت الكنيسة مع السلطة وشاع الطغيان الديني والسياسي، وكانت الضحية هي الشعوب الأوربية، حتى جاءت الثورة الفرنسية وفصلت الدين عن الدولة، بنظام الدولة المدنية التي لا تخضع لسلطة رجال الدين!
وهذا المعنى غير معروف في تاريخ الإسلام، بل الإسلام جاء لهدم هذه الدولة التي يكون رجال الدين فيها أربابا من دون الله {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31].
وأبطل الإسلام كل صور الإكراه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة:256].
وجاء بالحكم المدني السياسي {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38]، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159]،.
وكان أول دستور مدني عرفه العالم هو صحيفة المدينة التي كتبها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دخل يثرب فصارت (المدينة) للإعلان عن قيام دولة المدينة والمدنية، ودولة العلم والحضارة الإنسانية، على أنقاض يثرب وجاهليتها وعصبيتها، وعلى أنقاض مكة الجاهلية وطبقيتها وكهنوتها الديني!