وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (?)
وهي بحق غير المسلمين من الأمة تجربة عربية إنسانية يمكن الاستفادة منها، فأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسننهم في العدل وإدارة شئون الأمة إرث للإنسانية كلها عامة، وإرث للعرب كلهم مسلمهم ومسيحيهم خاصة، فإذا ذكر العدل ذكر عمر، ويمكن للعقل البشري أن يحكم بصحة هذا السنن أو عدم صحتها، وبصلاحيتها أو عدم صلاحيتها، فهي مما يتوافق عليه العقول البشرية والشرائع السماوية!
فليست سنن الحكم الراشد أمرا دينيا محضا لا يمكن أن يستفيد منه إلا المسلمون، بل هي سنن معقولة المعنى، يمكن اختبارها وتجربتها، ومن ثم الحكم لها أو عليها، فهي تجربة سياسية واقعية وليست خيالية، ولها أسسها وممارساتها علمها من علمها وجهلها من جهلها!
وكونها سننا يعني أنه يمكن تطبيقها والعمل بها كلها أو بعضها بحسب الإمكان كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (?)
ــــــــــ
ومن أهم ملامح الحكم الراشد تحقيق الأهداف التي جاءت الثورة لتحقيقها وهي الحرية والكرامة والحياة الكريمة للإنسان العربي وذلك من خلال: