بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا» (?)
فللإنسان الذي يخاف على دينه ويجد وسيلة للاعتزال أن يعتزل، وللجماعة التي لا تستطيع مواجهة هذا الواقع أن تعتزله إذا استطاعت تحقيق ذلك فعلا، إلا أنه لا يعقل أن يدعو إنسان أو جماعة الأمة كلها بشعوبها التي تبلغ مليار ونصف، أن تعتزل الواقع، وأن لا تمارس حياتها، وألا تعمل في دولها وأوطانها، وألا تدافع عن حقوقها وحرياتها ومصالحها، وحماية أرضها من العدوان، بدعوى أن حكوماتها غير شرعية، أو أنها أنظمة حكم طاغوتية، أو أنه لا يجوز للشعوب أن تدعو هذه الحكومات إلى رفع الظلم، أو تحقيق العدل، أو تحقيق الوحدة بين شعوب الأمة وبلدانها التي فرقها الاستعمار، أو لا يحق للشعوب دعوة هذه الحكومات للدفاع عن الشعب الفلسطيني، أو رفع الحصار عن غزة، أو دعم الشعب العراقي، أو إنقاذ الشعوب المنكوبة بالفيضانات والمجاعات في بلدان العالم الإسلامي .. الخ بدعوى أنها حكومات طاغوتية لا تحكم بما أنزل الله!
إن الأمة لن تتوقف عن الحياة ولن تموت، لأن بعض الجماعات توقفت عنها وماتت سياسيا!
ولن تنتظر الأمة وشعوبها حتى يبلور الإسلاميون نظرياتهم عن الخلافة والحكومة الإسلامية، وهم خارج دائرة التأثير في واقعها السياسي، ولن تنتظر الأمة المهدي المنتظر، بل ستعيش الأمة حياتها، وستحافظ على ما يمكن لها أن تحافظ عليه من مصالحها، وستدافع عن حقوقها بفطرتها الطبيعية، وستدافع عن لقمة عيشها بغريزتها الفطرية، إلى أن تتحرر إرادتها، من قبضة عدوها الخارجي وعميله الداخلي، وستقف الأمة مع من يشاركها همومها وآلامها وآمالها، وستمضي مع من يضحي من أجلها لا من أجل نظرياته وأفكاره الخاصة به، ولن تشك الأمة في إسلامها وإيمانها، لأن هذه الجماعة أو تلك لها موقف من هذا النظام أو ذاك، فمن يستطيع تغيير هذا الواقع فليفعل بالعمل السلمي أو الثوري، وإلا فلا يطالب الأمة فوق طاقتها، إذ لا يقود الشعوب نحو التغيير والحرية والخلاص إلا القادة التاريخيون