أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» (?)
فدلَّ على أن أعظم ما يكون من الإصلاح في الأرض بعد عهد النبوة هو الخلافة الراشدة، ثم أعظم ما يكون من الإصلاح في الأرض بعد حدوث المحدثات والملك العضوض والملك الجبري والملك الطاغوتي عودة الخلافة الراشدة من جديد!
ثم لا يتوقف الإصلاح عند هذا الأمر العظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَانْتَهُوا، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (?)
فيجب القيام بكل ما يمكن من المأمور به شرعا بحسب استطاعة الأمة وأفرادها وجماعاتها، كما في الحديث الصحيح عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ قِيلَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» (?).
فإن استطاعت أي حركة إصلاحية في أي بلد إسلامي الوصول إلى السلطة، وتحرير إرادة الأمة، وإقامة حكم الله بالعدل والقسط، واجتهدت حسب قدرتها واستطاعتها بالإصلاح، فهي داخلة في عموم البشارة في الذين يصلحون ما أفسد الناس، وقد أدت ما عليها من الواجب الكفائي، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]،وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج:78].
ثم دون ذلك من الإصلاح كل إصلاح يقوم به المصلحون في بلدانهم أفرادا كانوا أو حركات سياسية، وإن لم تكن أنظمة الحكم فيها شرعية ولا إسلامية ...