فَهُوَ شَهِيدٌ» أَيْضًا - عُمُومٌ - لَمْ يَخُصَّ مَعَهُ سُلْطَانًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي قُرْآنٍ، وَلَا حَدِيثٍ، وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ: بَيْنَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ، أَوْ أُرِيدَ دَمُهُ، أَوْ أُرِيدَ فَرْجُ امْرَأَتِهِ، أَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي الْإِطْلَاقِ عَلَى هَذَا هَلَاكُ الدِّينِ وَأَهْلِهِ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.) (?)
وقال ابن تيمية أيضا (مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَالُوا: يُغْزَى مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا إِذَا كَانَ الْغَزْوُ الَّذِي يَفْعَلُهُ جَائِزًا، فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ يُسَافِرُ مَعَ مَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقَافِلَةِ مَنْ هُوَ ظَالِمٌ.
فَالظَّالِمُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاوَنَ عَلَى الظُّلْمِ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ:2].
وَقَالَ مُوسَى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [سُورَةُ الْقَصَصِ:17].
وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [سُورَةُ هُودٍ:113].
وَقَالَ - تَعَالَى -: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [سُورَةُ النِّسَاءِ:85].
وَالشَّفِيعُ: الْمُعِينُ، فَكُلُّ مَنْ أَعَانَ شَخْصًا عَلَى أَمْرٍ فَقَدْ شَفَّعَهُ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ أَحَدٌ: لَا وَلِيُّ أَمْرٍ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.") (?)
وهذا بإجماع الفقهاء، فالسلطة الشرعية لا تعان على الظلم والإثم بأي حال من الأحوال، فإذا قاتلت السلطة الشرعية طائفة من الأمة ظلما وعدوانا، فللطائفة الدفع عن نفسها، وكان الواجب كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9]،ولهذا رضي