معاذ من الأوس، ثم بالأقرب فالأقرب لسعد.
وروى الزهري عن سعيد بن المسيب أنَّه كان ذلك من المحرَّم سنة عشرين، فلمَّا استقرَّ ترتيب الناس في الدواوين على قدر النسب المتَّصل برسول الله -صلى الله عليه وسلم، فضَّل بينهم في العطاء على قدر السابقة في الإسلام، والقربى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يرى التسوية بينهم في العطاء، ولا يرى التفضيل بالسابقة، كذلك كان رأي علي -رضي الله عنه- في خلافته، وبه يأخذ الشافعي ومالك، وكان رأي عمر -رضي الله عنه- التفضيل بالسابقة في الإسلام، وكذلك رأي عثمان -رضي الله عنه- بعده، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق.
وقد نظر عمر أبا بكر حين سوَّى بين الناس فقال: أتسوي بين مَنْ هاجر الهجرتين وصلَّى إلى القبلتين، وبين من أسلم عام الفتح خوف السيف؟ فقال له أبو بكر: إنما عملوا لله، وإنما أجورهم على الله، وإنما الدنيا دار بلاغ للراكب، فقال له عمر: لا أجعل من قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كمن قاتل معه؛ فلمَّا وضع الديوان فضل السابقة، ففرض لكل من شهد بدرًا من المهاجرين الأولين خمسة آلاف درهم في كل سنة: منهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهم، وفرض لنفسه معهم خمسة آلاف درهم، وألحق به العباس بن عبد المطلب، والحسن والحسين -رضوان الله عليهم؛ لمكانهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ وقيل: بل فضل العباس وفرض له سبعة آلاف درهم.
وفرض لكل من شهد بدرًا من الأنصار أربعة آلاف درهم، ولم يفضل على أهل بدر أحدًا، إلَّا أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فإنَّه فرض لكل واحدة منهن عشرة آلاف درهم إلَّا عائشة، فإنه فرض لها اثني عشر ألف درهم، وألحق بهن جويرية بنت الحارث، وصفية بنت حيي، وقيل: بل فرض لكلِّ واحدة منهنَّ ستة آلاف درهم، وفرض لكل من هاجر قبل الفتح ثلاثة آلاف درهم، ولمن أسلم بعد الفتح ألف درهم لكل رجل، وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين والأنصار كفرائض مسلمي الفتح، وفرض لعمر بن أبي سلمة المخزومي أربعة آلاف درهم؛ لأنَّ أمه أمّ سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال له محمد بن عبد الله بن جحش: