تدوين الديوان، فقال له عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه: تقسم كل سنة ما اجتمع إليك من المال، ولا تمسك منه شيئًا.
وقال عثمان بن عفان -رضي الله عنه: أرى مالًا كثيرًا يتبع الناس، فإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فقال خالد بن الوليد: قد كنت بالشام فرأيت ملوكها قد دوَّنوا ديوانًا، وجنَّدوا جنودًا، فدوَّن ديوانًا وجنِّد جنودًا، فأخذ بقوله، ودعا عقيل بن أبي طالب، ومحرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم، وكانوا من شباب قريش وقال: اكتبوا الناس على منازلهم، فبدءوا ببني هاشم فكتبوهم، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه، ثم عمر وقومه، وكتبوا القبائل ووضعوها على الخلافة، ثم رفعوه إلى عمر، فلمَّا نظر فيه قال: لا، ما وددت أنَّه كان هكذا، ولكن ابدءوا بقرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، الأقرب فالأقرب، حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله فشكره العبَّاس -رضوان الله عليه- على ذلك، وقال: وصلتك رحم1.
وروى زيد بن أسلم عن أبيه أنَّ بني عديّ جاءوا إلى عمر فقالوا: إنك خليفة رسول الله وخليفة أبي بكر وأبو بكر خليفة رسول الله؛ فلو جعلت نفسك حيث جعلك الله سبحانه، وجعلك هؤلاء القوم الذين كتبوا، فقال: بخ بخ يا بني عدي، أردتم الأكل على ظهري، وأن أهب حسناتي لكم لا، ولكنَّكم حتى تأتيكم الدعوة وأن ينطبق عليكم الدفتر، يعني: ولو تكتبوا آخر الناس، إنَّ لي صاحبين سلكا طريقًا، فإن خالفتهما خولف بي، ولكنَّه والله ما أدركنا الفضل في الدنيا، ولا نرجو الثواب عند الله تعالى على عملنا إلَّا بمحمد -صلى الله عليه وسلم، فهو شرفنا، وقومه أشرف العرب، ثم الأقرب، والله لئن جاءت الأعاجم بعمل، وجئنا بغير عمّ لهم أولى بمحمد -صلى الله عليه وسلم- منا يوم القيامة، فإن من قصُرَ به عمله لم يسرع به نسبه.
وروى عامر أن عمر -رضي الله عنه- حين أراد وضع الديوان قال: بمن أبدأ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: ابدأ بنفسك، فقال عمر: أذكر أني حضرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يبدأ ببني هاشم وبني عبد المطلب، فبدأ بهم عمر، ثم بمن يليهم من قبائل قريش بطنًا بعد بطن، حتى استوفى جميع قريش، ثم انتهى إلى الأنصار، فقال عمر: ابدءوا برهط سعد بن