مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ فَجَعَلَهَا مُرَتَّبَةً بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِمْ لَا بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ:

أَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ لَا بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِمْ، فَمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ وَصُلِبَ، وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ قُتِلَ وَلَمْ يُصْلَبْ، وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، وَمَنْ كَثُرَ وَهَيَّبَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ عُزِّرَ وَلَمْ يُقْتَلْ وَلَمْ يُقَطَّعْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَتْلِهِمْ ثُمَّ صَلْبِهِمْ، وَبَيْنَ قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ قَتْلِهِمْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مَهِيبًا مُكْثِرًا فَحُكْمُهُ كَحُكْمِهِمْ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} ، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ إبْعَادُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ إلَى بِلَادِ الشِّرْكِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ إخْرَاجُهُمْ مِنْ مَدِينَةٍ إلَى أُخْرَى، وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الْحَبْسُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ.

وَالرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يُطْلَبُوا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ فَيَبْعُدُوا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّافِعِيِّ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] فَفِيهِ لِأَهْلِ التَّأْوِيلِ سِتَّةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ وَارِدٌ فِي الْمُحَارِبِينَ الْمُفْسِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ إذَا تَابُوا مِنْ شِرْكِهِمْ بِالْإِسْلَامِ.

وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا تُسْقِطُ التَّوْبَةُ عَنْهُمْ حَدًّا وَلَا حَقًّا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ1 -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015