الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي قِتَالِ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

وَإِذَا اجْتَمَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ عَلَى شَهْرِ السِّلَاحِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ وَقَتْلِ النُّفُوسِ، وَمَنْعِ السَّابِلَةِ، فَهُمْ الْمُحَارِبُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] .

فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْإِمَامَ وَمَنِ اسْتَنَابَهُ عَلَى قِتَالِهِمْ مِنَ الْوُلَاةِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقَتِّلَ وَلَا يُصَلِّبَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَتِّلَ وَيُصَلِّبَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَطِّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَنْفِيَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ1 وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ2 وَإِبْرَاهِيمِ النَّخَعِيِّ3.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَا رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ قَتَلَهُ وَلَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَمَنْ كَانَ ذَا بَطْشٍ وَقُوَّةٍ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ ذَا رَأْيٍ وَلَا بَطْشٍ عَزَّرَهُ وَحَبَسَهُ، هَذَا قَوْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015