وروي أن عمر " كان يطوف ذات ليلة في سكة من سكك المدينة إذ سمع امرأة، وهي تهتف " وتقول: هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج؟ فلما أصبح أتى بنصر، فإذا أحسن الناس وجها وأحسنهم شعرا، فقال له، عزمة من أمير المؤمنين لتأخذن من شعرك، فأخذ من شعره".

فصل في أحكام الحسبة

والحسبة، هِيَ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، إذَا ظَهَرَ تَرَكَهُ، وَنَهْيٌ عن المنكر إذا ظهر فعله. وَهَذَا، وَإِنْ صَحَّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ، فَالْفَرْقُ بين المحتسب والمتطوع مِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّ فَرْضَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلَى الْمُحْتَسِبِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَفَرْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ داخل في فرض الكفاية.

الثاني: أَنَّ قِيَامَ الْمُحْتَسِبِ بِهِ مِنْ حُقُوقِ تَصَرُّفِهِ الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه بغيره. وقيام المتطوع به من النوافل الذي يجوز التشاغل عنه لغيره.

الثالث: أنه منصوب للاستعداء إليه فيم يجب، وليس المتطوع منصوبا للاستعداء.

الرابع: أن على المحتسب إجابة من استعدى به، وليس على المتطوع إجابته.

الخامس: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ، لِيَصِلَ إلَى إنْكَارِهَا ,وَيَفْحَصَ عَمَّا تُرِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ، لِيَأْمُرَ بِإِقَامَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِهِ من المتطوعة بحق ولا فحص.

السادس: أن له أن يتخذ على الإنكار أَعْوَانًا، لِأَنَّهُ عَمَلٌ هُوَ لَهُ مَنْصُوبٌ، وَإِلَيْهِ مَنْدُوبٌ، لِيَكُونَ لَهُ أَقْهَرَ، وَعَلَيْهِ أَقْدَرَ، وَلَيْسَ لمتطوع أن يندب لذلك أعوانا.

السابع: له أن يعزر على المنكرات الظاهرة، ولا يتجاوزها إلَى الْحُدُودِ، وَلَيْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يُعَزِّرَ عَلَى منكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015