فإن قال: يا عاهر.

احتمل أن يكون كناية أيضا، واحتمل أن يكون صريحا، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " وللعاهر الحجر". واختلفت الرواية عن أحمد في التعريض: هل يوجب الحد كالصريح؟ على روايتين:

إحداهما: يجب به الحد كالصريح. والثانية: لا يجب به الحد، حتى يقر أنه أراد به القذف. والتعريض: أن يقول في حال الغضب جوابا لمن سابه: يا حلال ابن الحلال، خلقت من نطفة حلال، ما أنت بزان، ولا أمك بزانية، ولا يعرفك الناس بالزنا، ونحو قوله لزوجته، فضحتيني، وغطيت رأسي، وصيرت لي قرونا وتعلقين على الأولاد من غيري وقد نكست رأسي ونحو ذلك. وإذا قَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ كَانَ قَاذِفًا لِأَبَوَيْهِ، فيحد لهما إذا طالبا به. وإذا مات المقذوف سقط الحد عن القاذف، إذا لم يطالب، فإن كان طالب لم يسقط. فإن قذف ميتا، فهل يثبت لوارثه المطالبة بحد القذف، اختلف أصحاب أحمد. فقال أبو بكر في كتاب الخلاف " لا يملك الوارث المطالبة، كما لو قذف حيا ومات قبل المطالبة ". وقال الخرقي " ولو قذف أمه – وهي ميتة – مسلمة، كانت أو كافرة، حرة أو أمة حد القاذف إذا طالب الابن وكان حرا مسلما". فقد أثبت المطالبة بحد القذف، لأن الحق هماك ثبت للوارث ابتداء: ولهذا اعتبرنا حصانة الوارث دون الموروث، لأن هذا القذف يعود بالقدح في نسبه. وَلَوْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ حَدِّ القذف بمال، لم يجز. وَإِذَا لَمْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ لم يسقط القذف. وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا حُدَّ لَهَا إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ مِنْهَا. وَاللِّعَانُ أَنْ يَقُولَ في الْجَامِعِ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عِنْدَهُ، بِمَحْضَرٍ مِنْ الحاكم وشهود أقلهم أربعة: " أشهد بالله إنني لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ زَوْجَتِي هَذِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ، وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زنى، ماهو مني". إن أراد أن ينفي ولدا، وَيُكَرِّرَ ذَلِكَ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقُولَ فِي الْخَامِسَةِ " وعلىّ لعنة الله إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ من الزنى بِفُلَانٍ".

إنْ كَانَ ذَكَرَ الزَّانِيَ بِهَا " وَأَنَّ هذا الولد من زنا ما هُوَ مِنِّي" فَإِذَا قَالَ هَذَا فَقَدْ أَكْمَلَ لعانه وسقط به حدّ القذف عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015