وَحُكْمُ السَّكْرَانِ: فِي جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ كَالصَّاحِي، إذَا كَانَ عَاصِيًا بِسُكْرِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ حكم المعصية، بأن شرب ما لا يعلم أنه مسكر، أو أكره على شربه على إحدى الروايتين لم يجر عليه قلم، كالمغمى عليه.
فأما حد السكران الذي يمنع صحة العبادات ويوجب الفسق على شارب النبيذ، فهو الذي يجمع بَيْنَ اضْطِرَابِ الْكَلَامِ فَهْمًا وَإِفْهَامًا، وَبَيْنَ اضْطِرَابِ الحركة مشيا وقياما، فيتكلم بِلِسَانٍ مُنْكَسِرٍ، وَمَعْنًى غَيْرِ مُنْتَظِمٍ، وَيَتَصَرَّفَ بِحَرَكَةِ مختبط، ومشي متمايل، أومأ إليه أحمد في رواية حنبل، فقال: " السكران الذي إذا وضع ثيابه في ثياب لم يعرفها، وإذا وضع نعله بين تعال لم يعرفها، وإذا هذي فأكثر كلامه، وكان معروفا بغير ذلك". وحكى عن أبي حنيفة حده مازال مَعَهُ الْعَقْلُ، حَتَّى لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ الْأَرْضِ والسماء، ولا يعرف أمه من زوجته. وأما حد القذف واللعان فحد القذف بالزنا ثمانون جلدة وهي حق لآدمي يستحق بالطلب ويسقط بالعفو. فإذا اجتمعت بالمقذوف بالزنا خمسة شروط، وفي قاذفه ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَجَبَ الْحَدُّ فِيهِ. أَمَّا الشُّرُوطُ الخمسة التي في المقذوف، فيهي أن يكون بالغا، عاقلا، حرا، مسلما، عَفِيفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ عبدا، أو كافرا، أو ساقط العفة بِزِنًا حُدَّ فِيهِ، فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ لكن يغزر لأجل الأذى ولتبرئة اللسان. وقد قال الخرقي " ومن قذف عبدا أو مشركا، أو مسلما له دون العشر سنين، أو مسلمة لها دون التسع سنين، أدب ولم يحد". وظاهر هذا: أنه إذا كان له عشر سنين، أو تسع سنين حد القاذف، وإن لم يبلغ يحد قاذفه. وَأَمَّا الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فِي الْقَاذِفِ: فَهِيَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، عَاقِلًا، حُرًّا، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُحَدَّ وَلَمْ يُعَزَّرْ، وَإِنْ كان عبدا حد أربعين، نصف حد الحر لنقصه بالرقز ويحد الكافر كالمسلم، والمرأة كالرجل. ويفسق القاذف ولا تقبل شهادته، فَإِنْ تَابَ زَالَ فِسْقُهُ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الحد وبعده. والقذف باللواط وإتيان البهائم كالقذف بالزنا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ. وَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ بِالْكُفْرِ وَالسَّرِقَةِ، وَيُعَزَّرُ لِأَجْلِ الْأَذَى. وَالْقَذْفُ بِالزِّنَا مَا كان صريحا، كقوله: يا زاني، أو قد زنيت ن أو رأيتك تزني، فإن قال ثا فَاجِرُ، أَوْ يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا لُوطِيُّ، كَانَ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِهِ، فَلَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ، إلا أن يريد القذف.