واحتج بحديث عمر " كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصا دون المسلمين". والوجه الثاني: لم يكن له بل كان لجماعة المسلمين، لأن أحمد قال في رواية أبي النضر وبكر بن محمد " والفيء ما صولح عليه من الأرضين، وجزية الرؤوس وخراج الأرضين. فهذا لكل المسلمين فيه حق الغني والفقير على ما يرى الإمام". واحتج بأن عمر فرض لأمهات المؤمنين في الفيء ولأبناء المهاجرين سوى العطاء. وكان يقول " لكل أحد في المال حق إلا العبد". فلو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - خالصا لجعله بعد موته لأهل الديوان، كما جعل سهمه من خمس الغنيمة لأهل الديوان. فقال في رواية أبي طالب " سهم الله والرسول واحد، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعله أبو بكر في الكراع والسلاح، فهو كما جعله لا يجوز صرف لغير أهل الديوان". وكذلك قال في رواية صالح " يعزل الخمس، يعطاه أهل الديوان: المقاتلة دون غيرهم ". والوجه لهذا القائل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم". وهذا ينبغي أن يكون له أربعة أخماسه. فما صار إليه من أحد هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ فَقَدْ رَضَخَ مِنْهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وترك باقيه لنفقته وصلاته ومصالح المسلمين، وحكمه حين مات عنه: أَنَّهَا صَدَقَاتٌ مُحَرَّمَةُ الرِّقَابِ مَخْصُوصَةُ الْمَنَافِعِ، مَصْرُوفَةٌ الارتفاع فِي وُجُوهِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
وَمَا سِوَى صَدَقَاتِهِ فإنها أَرْضُ عُشْرٍ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَا بَيْنَ مَغْنُومٍ، مُلِكَ عَلَى أَهْلِهِ، أَوْ مَتْرُوكٍ أسلم عليه أهله، وكلا الأرضين معشور لا خراج عليه.