المهدي المجهول في عالم الغيب أنه لا حقيقة له؛ إن أراد أن من لوازم قول ابن القيم إنكار المهدي الذي تزعمه الرافضة وهو محمد بن الحسن العسكري فهذا صحيح بل هو صريح كلام ابن القيم، وإن أراد أن من لوازم إنكار خروج رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر الزمان يسمى المهدي فهذا خطأ، وإلزام لقول ابن القيم بما هو مخالف له، والظاهر من كلام ابن محمود أنه أراد هذا القول الأخير، ولا شك أنه من التقول على ابن القيم؛ لأنه قد تقدم عنه أنه ذكر في المهدي ثلاثة أقوال لأهل السنة؛ ثالثها أنه من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلمًا فيملؤها قسطًا وعدلا، ثم رجح هذا القول بقوله: وأكثر الأحاديث على هذا تدل.
وأما قول ابن محمود في المهدي أنه مجهول في عالم الغيب.
فجوابه: أن يقال: إن كان المهدي مجهولا عند ابن محمود وأضرابه من العصريين، فهو معلوم عند علماء أهل السنة والجماعة، وقد تلقوا العلم به عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وأما كون المهدي في عالم الغيب الآن، فسبيله سبيل ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيقع في آخر الزمان؛ مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم وقتله الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، ووقوع الخسوف الثلاثة التي يكون أحدها في جزيرة العرب، وخروج النار التي تطرد الناس إلى محشرهم، وكذلك انحسار الفرات عن كنز من ذهب أو جبل من ذهب، وكذلك خروج القحطاني والجهجاه، إلى غير ذلك مما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيقع في آخر الزمان. فهل يقول ابن محمود بإنكار هذه الأمور كلها من أجل أنها الآن في عالم الغيب، أم يخص الإنكار بالمهدي؟ فإن خص الإنكار بالمهدي طُولِب بالفرق بينه وبين الأمور العظام التي قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوقوعها في آخر الزمان، وإن أنكر الجميع فحكم ذلك لا يخفى على طالب العلم.
وأما زعمه أن المهدي لا حقيقة له، فهو من مجازفاته التي قالها من غير تثبت.
وأما قوله: لكن المتعصبين لخروجه لما طال عليهم الأمد بدون أن يروه أخذوا يمدون في الأجل .... إلى آخر كلامه.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان .......