مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله» [رواه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-]، وهذا الحديث من جوامع الكلم؛ فيدخل فيه جميع ما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما نهى عنه، وما أخبر به. فدل على أن من رد شيئا مما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه حلال الدم والمال، ومن لم يؤمن بالأحاديث الثابتة في المهدي فلا شك أنه داخل في عموم هذا الحديث الصحيح، والله أعلم.
الوجه الثالث: أن يقال: إن وجوب الإيمان بما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون بعده، ليس مقصورًا على ما إذا أخبر عن ملك مقرب أو نبي مرسل، أو من يأتي بدين جديد كما زعم ذلك ابن محمود، بل كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من أنباء الغيب مما مضى قبله، وما يأتي بعده إلى يوم القيامة، وما يكون بعد ذلك، إلى أن يدخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، فإنه يجب الإيمان به، وذلك من تحقيق الشهادة بالرسالة.
الوجه الرابع: أن يقال: إن المحال على الحقيقة أن يخرج مهدي يكون ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلاً، أو يأتي بدين جديد يجب على ابن محمود الإيمان به والعمل بموجبه على حد زعمه، ويستثنى من ذلك عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام-، فإنه ينزل في آخر الزمان حكمًا عدلا، فيقتل الدجال ويحكم بالشريعة المحمدية، ولا يأتي بدين جديد، وهو أفضل المهديين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ندري عن ابن محمود، هل يؤمن بنزول عيسى -عليه الصلاة والسلام-، أم أن نزوله وخروج المهدي عنده على حد سواء؟! وكذلك لا ندري، هل يؤمن بخروج الدجال، وأن عيسى يقتله، أم أنه لا يؤمن بذلك؟ فقد ذكر لنا أنه ينكر خروج الدجال، ونرجو أن لا يكون ذلك صحيحًا.
الوجه الخامس: أن يقال: لو ادعى رجل أنه المهدي، وزعم أنه ملك مقرب أو نبي مرسل، لكان الواجب على المسلمين تكذيبه وقتاله؛ لأنه لا يدعي ذلك إلا من هو كذاب دجال، وكذلك لو ادعى رجل أنه المهدي، وزعم أنه أتى بدين جديد، فإنه يجب على المسلمين تكذيبه وقتاله؛ لأنه لا يدعي الإتيان بالدين الجديد إلا من هو كذاب دجال مدع للنبوة، وكذلك من زعم أن دين الإسلام ناقص، وأنه يريد أن يكمله، فلا شك أنه دجال كذاب كافر يجب تكذيبه وقتاله، وأما المهدي
الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان فطريقته طريقة غيره من أئمة العدل، الذين