وأقول: لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة ما في هذا الكلام من التخليط الذي يتنزه عنه كل عاقل، ويظهر منه أن قائله إنما أراد به تفنيد ما ذكره علماء المسلمين في كتب التفسير والتاريخ عن يأجوج ومأجوج، وتشويه أقوالهم في ذلك من غير استثناء قول عن قول ومن غير تفريق بين الحق والباطل مما ذكروه، ويدل على هذا قوله في الجملة التي سيأتي ذكرها إن المسلمين كانوا في غمرة من الجهل ساهون حتى طلع عليهم ما زعم أنه نور هداية ودلالة، وفي الكلام الذي ذكرته آنفًا أشياء تشبه الهذيان، منها قوله إن أوصاف يأجوج ومأجوج لا تنطبق على أوصاف الملائكة ولا على أوصاف بني آدم.
وأقول: أما أوصاف الملائكة فلا يعلم بها إلا الله -تعالى- أو من أطلعه الله على ذلك من المرسلين، فالخوض في صفاتهم نفيًا أو إثباتًا لا يقوله عاقل؛ لأن ذلك من الرجم بالغيب والقول بغير علم.
وأما أوصاف بني آدم فلا يشك عاقل أنهم على صفات بني آدم وأشكالهم؛ لأنهم منهم، ومن توهم فيهم غير ذلك فذلك دليل على كثافة جهله.
ومنها قوله: ولا يدرون كيف يخرجون على الناس أينزلون عليهم من السماء أم ينبعون من الأرض؟!
وأقول: لا يُظن بأحد من العقلاء أنه يقول بهذا الهذيان، أو يدور ذلك في مخيلته، ولو قُدِّر أن أحدًا من ضعفاء العقول قال ذلك فلا عبرة بأقوال المعتوهين وأشباههم، ولم أر أحدًا ذكر هذا القول المستهجن قبل ابن محمود، وقد تقدم الجواب عن شبهات ابن محمود وتخليطه مفصلا في أول الكلام على ما يتعلق بيأجوج ومأجوج، فليراجع هناك (?).
ومن ذلك قوله في صفحة (75): "فبينما هم كذلك في غمرة من الجهل ساهون إذ طلع عليهم نور هداية ودلالة، يحمله علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي -رحمه الله- ويخبرهم عن حقيقة فتح يأجوج ومأجوج قائلا: لا تبعدوا النظرة ولا تسرحوا في الفكرة، فإن يأجوج ومأجوج عن أيمانكم وعن شمائلكم ومن خلفكم، فما هم إلا أمم الكفار على اختلاف أجناسهم وأوطانهم، والتي تداعى ............................