من السنين، وعلى قوله أيضًا إن قرب اندكاك السد وخروج يأجوج ومأجوج من قيام الساعة قرب نسبي، فهذا الحديث الصحيح يدل على أنه قرب مطلق لا قرب نسبي، والله أعلم.
ومنها ما رواه ابن أبي شيبة عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، فما بعد الدجال؟ «قال عيسى ابن مريم»، قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: «لو أن رجلا أنتج فرسًا لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة». وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن خروج يأجوج ومأجوج يكون بعد نزول عيسى وقتل الدجال، وجاء مثل ذلك في حديثي ابن مسعود وحذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-، وفي هذا أبلغ رد على قول رشيد رضا أن قرب الساعة يمتد ألوفا من السنين وعلى قوله أيضًا أن قرب اندكاك السد وخروج يأجوج ومأجوج من قيام الساعة قرب نسبي، والحديث يدل دلالة واضحة على أنه قرب مطلق وليس قربًا نسبيًا، ومنها حديث حذيفة بن أسيد الغفاري وحديث واثلة بن الأسقع -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الآيات التي تكون بين يدي الساعة ومنها خروج يأجوج ومأجوج، وهما حديثان صحيحان، وقرب هذه الآيات العشر من الساعة قرب مطلق وليس قربًا نسبيًا؛ لأن منها طلوع الشمس من مغربها وبطلوعها من مغربها يغلق باب التوبة، وغلق باب التوبة قريب جدًا من قيام الساعة، والله أعلم، وقد روي ابن جرير عن حذيفة -رضي الله عنه- أنه قال: «لو أن رجلا افتلى فلوًا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة»، وهذا الأثر له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي وإنما يقال عن توقيف.
وأما قوله: وثانيهما: أن هناك ساعة عامة وساعة خاصة أي هلاك أمة معينة.
فجوابه: أن يقال: ما جاء في الأحاديث التي تقدم ذكرها قريبًا (?) عن عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وحذيفة بن أسيد الغفاري وواثلة بن الأسقع -رضي الله عنهم- فالمراد به الساعة العامة وهو قيام الساعة العظيمة، ومن حمل ذلك على الساعة الخاصة التي هي هلاك أمة معينة فقد أبعد النجعة وحمل الأحاديث على غير المراد بها، والله أعلم.