{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ}، وقد أخبر الله عنهم إنهم إذا خرجوا يموج بعضهم في بعض ثم ينفخ في الصور، قال السدي في قوله -تعالى-: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} قال: "ذاك حين يخرجون على الناس"، وقد تقدم إيراد الأحاديث الدالة على أن خروج يأجوج ومأجوج من أمارات الساعة، وأنه يكون بعد نزول عيسى وقتل الدجال، فلتراجع في موضعها (?).
وأما قوله: إن قيل: يمنع من ذلك أن اندكاكه وخروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة.
فجوابه: أن يقال: هذا هو الصحيح، والأدلة من القرآن والسنة تدل عليه، وقد تقدم إيرادها في عدة مواضع.
وأما قوله: أجبنا بجوابين؛ أحدهما: أن قرب الساعة يمتد ألوفًا من السنين بدليل أن نبينا نبي الساعة وقرب الساعة نسبي أي هو قرب بالنسبة إلى ما مضى من عمر الأرض، وما يدرينا أنه ملايين من السنين.
فجوابه: أن يقال: هذا الجواب باطل مردود لمخالفته للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تقريب خروج يأجوج ومأجوج من قيام الساعة تقريبًا مطلقًا وليس تقريبًا نسبيًا، فمن الأحاديث الدالة على ذلك حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى - عليهم السلام- فتذاكروا أمر الساعة» الحديث، وفيه ذكر خروج الدجال وأن الله يهلكه إذا رأي عيسى، ثم ذكر خروج يأجوج ومأجوج وأن عيسى - عليه السلام- يدعو عليهم فيهلكهم الله، ثم قال: «ففيما عهد إلى ربي - عز وجل- إن ذلك إذا كان كذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارًا». رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، وابن جرير، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وزاد ابن ماجة والحاكم فيه: "قال العوام- وهو ابن حوشب أحد رواته-: فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل- ثم قرأ {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} "، وقد تقدم إيراد هذا الحديث بطولة قريبًا فليراجع (?)، ففيه أبلغ رد على قول رشيد رضا أن قرب الساعة يمتد ألوفًا ....................................................