سد محكم بينهم – أي بين يأجوج ومأجوج – وبين الناس، ثم زعم أنه لا يمكن أحدًا إنكار هذا؛ أي ما زعمه في آخر كلامه ولا المكابرة فيه.

وأقول: أيظن المتكلف أنه قد أتى بنص من كتاب الله -تعالى- أو من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن إنكاره ولا المكابرة فيه، أو أتى بإجماع لا يمكن إنكاره ولا المكابرة فيه؟! كلا، إنه لم يأت بنص ولا إجماع، وإنما أتى بتوهمات وتخرصات مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما خالف الكتاب والسنة فهو قول باطل يجب إنكاره ولا يجوز إقراره.

الوجه الخامس: أن يقال: إن المكابرة على الحقيقة هي في قول المتكلف إن السد هو الموانع الجبلية والمائية، وإن البحر الأبيض والأسود والمحيط من جميع جوانبه وما اتصل بذلك من الموانع سد محكم بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وإن الناس قد شاهدوا السد قد اندك ورأوا يأجوج ومأجوج قد تجاوزوه، فهذا غاية في المكابرة والمخالفة لما أخبر الله به عن السد، وأنه بين صدفين أي جبلين، وأنه من زبر الحديد والقطر أي النحاس المذاب، وأنه إنما يندك عند اقتراب الساعة، وفيه أيضًا مخالفة لما أخبر الله به عن فتح يأجوج ومأجوج، وأنه يكون إذا اقترب الوعد الحق أي إذا دنا قيام الساعة، وفيه أيضًا مخالفة لما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خروج يأجوج ومأجوج، وأنه إنما يكون بعد نزول عيسى وقتل الدجال، وأن الساعة يومئذ كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارًا، فهذا هو الثابت في الكتاب والسنة وهو الذي لا يمكن إنكاره ولا المكابرة فيه، وما خالفه فهو باطل مردود.

وأما قوله: وهذه الأدلة التي ذكرناها من نص الكتاب والسنة الصحيحة والأدلة العقلية والواقع والمشاهدة كلها أمور يقينية لا شك فيها ولا مناقض لها.

فجوابه: أن يقال: إن نصوص الكتاب والسنة تدل على خلاف ما قرره ابن سعدي في قوله عن السد إنه هو الموانع الجبلية والمائية، وإن البحر الأبيض والأسود والمحيط من جميع جوانبه وما اتصل بذلك من الموانع سد محكم بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وإن الناس قد شاهدوا السد قد اندك ورأوا يأجوج ومأجوج قد تجاوزوه، وكذلك الأدلة العقلية والواقع والمشاهدة فكلها على خلاف ما قرره ابن سعدي، وقد تقدم ببيان ذلك بما فيه كفاية -إن شاء الله تعالى-.

وأما قوله: والمقصود أن ظهورهم على الوصف الذي شرحناه قد تبيَّن موافقته ........

طور بواسطة نورين ميديا © 2015