من الغث والسقيم ما يتنزه عنه كل من له عقل ودين، وهي مع هذا خالية من السمين والصحيح لأنها كلها أخطاء من أولها إلى آخرها وقد تقدم إيضاح ذلك عند كل فقرة من كلامه.
وأما الأحاديث التي ساقها ابن محمود من كتاب السفاريني وأنكر عليه ذكرها في كتابه وقال أنه حاطب ليل.
فالجواب: أن يقال: أما الأحاديث المنكرة في صفات يأجوج ومأجوج فقد ذكرها ابن جرير والبغوي والقرطبي في تفاسيرهم، وذكرها القرطبي أيضًا في التذكرة، وذكرها غيرهم من أكابر العلماء، فمن أنكر على السفاريني وزعم أنه حاطب ليل من أجل أنه ذكرها، فلينكر على من ذكرها قبله من أكابر العلماء، وليصفهم بما وصف به السفاريني، ولا يجعل التحامل خاصًا بالسفاريني.
وأما الحديث الذي فيه: «إنه لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من أولاده» فقد رواه الطبراني في الأوسط من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- مرفوعًا، وفيه بعض الصفات المنكرة مما قيل في يأجوج ومأجوج، قال الهيثمي: "فيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف"، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "أخرجه ابن عدي وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، وهو من رواية يحيى بن سعيد العطار عن محمد بن إسحاق عن الأعمش، والعطار ضعيف جدًا، ومحمد بن إسحاق، قال ابن عدي: ليس هو صاحب المغازي، بل هو العكاشي، قال: والحديث موضوع، وقال ابن أبي حاتم: منكر".
قال الحافظ ابن حجر: "لكن لبعضه شاهد صحيح أخرجه ابن حبان من حديث ابن مسعود رفعه: «إن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم لصلبه ألفًا من الذرية»، وللنسائي من رواية عمرو بن أوس عن أبيه رفعه: «إن يأجوج ومأجوج يجامعون ما شاءوا، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفًا فصاعدًا»، وأخرج الحاكم وابن مردويه من طريق عبد الله بن عمرو: «إن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم، ووراءهم ثلاث أمم، ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفًا فصاعدًا»، وأخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن عبد الله بن سلام مثله". انتهى المقصود مما ذكره الحافظ ابن حجر، وحديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- الذي ذكره الحافظ ابن حجر قد رواه عبد الرازق في مصنفه، والحاكم في المستدرك من طريقين، قال في كل منهما: "صحيح ..........................