السد"، وأخرج ابن جرير عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "لو أن رجلا اقتنى فلوًا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة" انتهى.
ومن أغرب أقوال العصريين ما زعمه طنطاوي جوهري في تفسيره أن يأجوج ومأجوج هم التتار، الذين خرجوا على المسلمين في أثناء القرن السابع من الهجرة وما بعده، ولو كان الأمر على ما زعمه هذا المتخرص المتأول لكتاب الله -تعالى- على غير تأويله، لكان الدجال قد خرج في أول القرن السابع من الهجرة قبل خروج التتار على المسلمين، ولكان عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- قد نزل من السماء وقتل الدجال قبل خروج التتار، ولكان سد ذي القرنين قد دك في ذلك الزمان، ولكان أوائل التتار قد شربوا بحيرة طبرية وآخرهم لم يجدوا فيها ماء، ولكانوا قد حصروا نبي الله عيسى وأصحابه حتى دعا عليهم فأرسل الله عليهم النغف في رقابهم فأصبحوا فرسى كموت نفس واحدة، ولكانت الساعة قد قامت منذ سبعة قرون؛ لما جاء في حديث الحسن عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ثم يجيء عيسى فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة» رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين والطبراني، قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح"، وفي حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الذي تقدم ذكره قريبًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة» فذكر الحديث في خروج الدجال وقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، ودعاء عيسى عليهم فيهلكهم الله، ثم ذكر عن عيسى أنه قال: ففيما عهِد إلي رب - عز وجل- أن ذلك إذا كان كذلك فإن الساعة كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارًا.
وعن سبيع - وهو ابن خالد - عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: " كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وأسأله عن الشر ... فذكر الحديث وفيه: قال «ثم يخرج الدجال» قال: قلت: فبِم يجيء به معه؟ قال: «بنهر، أو قال ماء ونار، فمن دخل نهره حط أجره ووجب وزره، ومن دخل ناره وجب أجره وحط وزره»، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: «لو أنتجت فرسًا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة» " رواه الإمام أحمد بإسناد جيد، وأبو داود الطيالسي، وأبو داود السجستاني، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.