بخصوصها وجدنا التي لم يصرح فيها باسمه أقوى، ورأينا الضعف غالبًا على ما ذكر فيها اسمه، ولهذا قلت في الكواكب لما قال السفاريني: "فكلها صحَّت به الأحبار": أي بأكثرها، فإن الأحاديث التي فيها ذكر المهدي لم تصح عند علماء الحديث، ولم أقل الواردة في شأن المهدي ليشمل التعميم ما لم يذكر فيها، فإن التي لم يذكر فيها اسمه بل ذكر نعته فيها القوي والضعيف، ولهذا نعتقد ونجزم بخروج رجل من أهل البيت آخر الزمان اسمه محمد بن عبد الله، يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت ظلمًا وجورًا، وكذلك قولنا: فلا نعتقد بمجيء المهدي، مرادنا أن هذا اللفظ غير ثابت، فلا يجب أن يسمى محمد بن عبد الله الذي يخرج في آخر الزمان بالمهدي، بل تسميته بذلك جائزة لا واجبة، إذ هذا اللفظ غير ثابت عند علماء الحديث، ولعل أحدًا أن يظن أن المقصود من عبارة الكواكب هو القول بعدم مجيء المهدي مطلقًا كما هو قول بعض الأئمة، وليس كذلك بل المراد ما قدمناه من أن هذا اللفظ غير ثابت، وإنما الثابت أن اسمه مواطئ لاسم النبي واسم أبيه مواطئ لاسم أبيه، فالإيمان بذلك واجب على الإجمال والإطلاق ... إلى أن قال: وقد خرج جماعة من العلماء عن الاعتدال في هذه المسألة، فبالغ طائفة في الإنكار حتى ردوا جملة من الأحاديث الصحيحة، وقابلهم آخرون فبالغوا في الإثبات حتى قبلوا الموضوعات والحكايات المكذوبة". انتهى المقصود من كلامه.
ومما ذكرنا يعلم أن ابن محمود قد تعلق بالقول الباطل الذي رجع عنه شيخه ابن مانع، ونرجو أن يفعل ابن محمود كما فعل شيخه، فإن الرجوع إلى الحق نُبل وفضيلة، كما أن التمادي على الباطل نقص ورذيلة.
وفي كلام ابن مانع كلمة ينبغي التنبيه عليها، وهي قوله: فإن الأحاديث التي فيها ذكر المهدي لم تصح عند علماء الحديث، وكذلك قوله: إن هذا اللفظ- أي اسم المهدي - غير ثابت عند علماء الحديث.
والجواب: أن يقال: بل اسم المهدي ثابت من عدة طرق عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وقد رواه الترمذي وحسنه، قال: "وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى، وقد رواه الإمام أحمد بأسانيد، وأبو يعلي، قال الهيثمي في "مجمع الوائد": "ورجالهما ثقات"، ورواه الحاكم في مستدركه وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه، ورواه أبو داود، قال ابن القيم في كتابه "المنار المنيف": "إسناده .........................