بقوله بعض العلماء المتأخرين وصاروا يكتبون في مؤلفاتهم بصحة وجوده، مما تأثرت به عقائد العامة وبعض العلماء، والصحيح بمقتضى الدلائل والبراهين هو ما ذكره بعض العلماء من أنه لا حقيقة لصحة أحاديث المهدي، لهذا رأينا كل من انتحل خطة باطلة من الدجالين المنحرفين فإنه يسمي نفسه بالمهدي ويتبعه على دعوته الهمج السذج، والغوغاء الذين هم عون الظالم، ويد الغاشم في كل زمان ومكان".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: في بيان خطأ ابن محمود في التعبير، حيث قال: ولست أنا أول من قال ببطلان دعوى المهدي وكونه لا حقيقة لها، والصواب أن يقال "وكونها" لأن الضمير يعود إلى الدعوى.
الوجه الثاني: أن يقال: قد تقدم (?) عن ابن محمود أنه ذم التقليد، وقال إن المقلد لا يعد من أهل العلم، ومع هذا فقد وقع فيما ذمه؛ حيث قلد رشيد رضا، وغيره من العصريين الذين عارضوا الأحاديث الثابتة في المهدي وأنكروا خروجه.
الوجه الثالث: أن يقال: إذا كان السابق لابن محمود قد قال قولاً باطلا وخالف الحق الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فماذا ينفع ابن محمود سبق من سبقه إلى القول الباطل ومخالفة الحق؟ فهل يرضى لنفسه أن يكون مشابُها للذين قال الله -تعالى- فيهم: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}؟
الوجه الرابع: أن يقال: قد تقدم الرد على أباطيل رشيد رضا التي قالها في إنكار خروج المهدي، والطعن في الأحاديث الواردة فيه من غير استثناء شيء منها، فليراجع (?).
وأما الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع فقد رجع إلى الحق والصواب في رسالة له سمَّاها "تحديق النظر، بأخبار الإمام المنتظر"، قال فيها بعد أن ذكر كلام ابن خلدون في تضعيف الأحاديث الواردة في المهدي، وما قاله صاحب "عون المعبود" في الرد عليه: "وأقول: قول العلامة الهندي في هذه الأحاديث أقرب إلى الصواب من قول من جزم بضعفها كلها، فمن صح عنده حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها أو من غيرها وجب عليه قبوله والاعتقاد بمدلوله، ومن علم بضعف الحديث وتيقنه لم يجب عليه شيء من ذلك، وإذا اعتبرنا هذه الأحاديث الواردة في المهدي ........