تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}، وقال -تعالى-: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وقال -تعالى-: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.
ويقال أيضًا: إن الضرر في الحقيقة في رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلة المبالاة بها، فمن رد الأحاديث الثابتة في المهدي واستهان بها فإنما هو في الحقيقة مستهين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وراد لقوله، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ثم جعل يتلو هذه الآية {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ".
فالواجب على المسلم أن يعظم أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقابلها بالقبول والتسليم، وأن لا يجد في نفسه حرجًا منها، وأن لا يعارضها بالشبه والشكوك والآراء والتخيلات، ومن عارضها بشيء من ذلك أو زعم أن اعتقادها ضرر فعقيدته لا تخلو من الخلل.
وقال ابن محمود في صفحة (69) وصفحة (70): "إنه من المعلوم أن الوضاعين الكذابين قد أدخلوا كثيرًا من الأحاديث المكذوبة في عقائد المسلمين وأحكامهم، حتى صار لها الأثر السيئ في العقائد والأعمال، لكن المحققين من علماء المسلمين قد قاموا بتحقيقها، وبينوا بطلانها وأسقطوها عن درجة الاعتبار، وحذروا الأمة منها، من ذلك أحاديث المهدي المنتظر، وأنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورًا، ونحو ذلك مما يقولون، وصار في كل زمان وفي كل مكان يظهر مخرف ويقول أنا المهدي المنتظر، حتى كأن المهدي جرثومة البدع ومثار الفتن. ولا يزال علماء السنة في كل مكان يحاربون هذه الدعوى، ويحاربون من تسمى بها لاعتباره من الكذابين الدجالين، والحق أن المهدي المنتظر لا صحة له ولا وجود له قطعًا، وفي سنن ابن ماجة: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم»، وأنه بمقتضى التأمل للأحاديث الواردة في المهدي نجدها من الضعاف التي لا يعتمد عليها، وأكثرها من رواية أبي نعيم في "حلية الأولياء"، وكلها متعارضة ومتخالفة، ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة لا باللفظ ولا بالمعنى".