تثبت ولا تعقل، وقد قال الله -تعالى-: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} ومن تعزيز النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوقيره احترام الأحاديث الثابتة عنه والتسليم والانقياد والإذعان لها على أكمل الوجوه وأحسنها، وأن لا يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة، فضلا عن مقابلتها بالتكذيب ووصفها بأنها كذب صريح، وأن اعتقاد ما جاء فيها اعتقاد سيئ قبيح، فهذا مما لا يتوقع صدوره من رجل مسلم.
الوجه الرابع: أن يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومن قال في الأحاديث الثابتة في المهدي إنها كذب صريح، وإن اعتقاد ما جاء فيها اعتقاد سيئ قبيح، فهو خليق بأن تطبق عليه أحكام هذا الحديث الصحيح.
وأما قوله: إنها في الأصل حديث خرافة يتلقفها واحد عن آخر.
فجوابه: أن يقال: بل الخرافة كل الخرافة ما جازف به ابن محمود في رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، وما تلقاه عن بعض العصريين من الشبه والشكوك والآراء الفاسدة في معارضتها وإطراحها.
وأما قوله: وقد صيغت لها الأحاديث المكذوبة سياسة للإرهاب والتخويف.
فجوابه: أن يقال: إن الأحاديث الثابتة في المهدي رواتها كلهم ثقات من لدن الصحابة الذين رووها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الأئمة الذين خرجوها في كتبهم المشهورة، وليس في رواتها أحد من المتروكين ولا من الكذابين والوضاعين ولا من المغفلين الذين يقبلون التلقين، وإذا فما زعمه ابن محمود من أن دعوى المهدي قد صيغت لها الأحاديث المكذوبة فهو قول لا أساس له من الصحة، وإنما هو مجازفة وتمويه وتلبيس على ضعفاء العقول والأفهام، وهلا أورد ابن محمود الأحاديث في المهدي بأسانيدها، وذكر أسماء الكذابين من رواتها الذين صاغوها للإرهاب والتخويف على حد زعمه؟ ولن يجد إلى الطعن المؤثر في أسانيد الأحاديث الثابتة في المهدي سبيلا البتة.
وقد زعم في صفحة (4) أن عبد الله بن سبأ وشيعته أخذوا يعملون عملهم ..........