السرداب وعمره خمس سنين، وأما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون في آخر الدهر، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم، كما دلت على ذلك الأحاديث"، ثم ذكر ابن كثير بعض الأحاديث الواردة في ذلك، قال: "وقد أفردت في المهدي جزءًا على حدة ".
وقال الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: "باب ما جاء في المهدي" ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في ذلك، وقال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية: "باب في المهدي وغيره من الخلفاء العادلين" ثم ساق بعض الأحاديث والآثار الواردة في ذلك.
وقال الحسن بن علي بن خلف أبو محمد البربهاري، وهو شيخ الحنابلة في وقته، وقد صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، وتوفي في سنة تسع وعشرين وثلاث مائة، قال في كتاب "شرح السنة": "والإيمان بنزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى، وقد نقله عنه القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة.
وقال محمد بن الحسين الآبري الحافظ في كتاب "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وإنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى خلفه". انتهى، وقد نقله عنه جماعة من أكابر العلماء وأقروه، وسيأتي ذكرهم -إن شاء الله تعالى.
ولأبي الحسين ابن المنادي جزء جمعه في المهدي وقال فيه: "يحتمل في معنى حديث «يكون اثنا عشر خليفة» أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان". انتهى، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، في آخر "باب الاستخلاف" من "كتاب الأحكام" نقلاً عن كشف المشكل لأبي الفرج ابن الجوزي، وأبو الحسين هذا اسمه أحمد بن جعفر، وهو أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد، وله نحو أربعمائة مصنف، وكان مولده في سنة ست وخمسين ومائتين، وقيل في سنة سبع وخمسين ومائتين، وتوفي في سنة ست وثلاثين وثلاث مائة.