حديث أنس -رضي الله عنه- إنه لا يقل عن ضعف سائر الأحاديث لمذكورة في المهدي، فسوَّى بينه وبين الصحاح والحسان من أحاديث المهدي، وجعل حكم الجميع واحدًا وهو الضعف، وهذا خطأ كبير وتسوية بين ما فرق الله بينه، وقد ذكرت في غير موضع أن الأحاديث الواردة في المهدي تنقسم إلى صحيح وحسن وضعيف، وذكرت أيضًا عن ابن القيم أنه قال في أحاديث المهدي: "إنها أربعة أقسام؛ صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة"، وذكرت أيضًا عن الشوكاني أنه قال: "الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثًا، فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر"، وذكرت عن صديق بن حسن أنه قال: "أحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف"، وذكرت عن عدد كثير من أكابر العلماء أنهم صححوا بعض الأحاديث الواردة في المهدي وحسنوا بعضها، وذكرت جملة من الصحاح والحسان في أول الكتاب، فليراجع جميع ما ذكرته، ففيه أبلغ رد على من توهم أن أحاديث المهدي كلها ضعيفة (?).
وقال ابن محمود في صفحة (51): "وهنا حديث كثيرًا ما يحتج به المتعصبون للمهدي، وهو أن المهدي مع المؤمنين يتحصنون به من الدجال، وأن عيسى -عليه السلام- ينزل من منارة مسجد الشام، فيأتي فيقتل الدجال ويدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، فيقول المهدي: تقدم يا روح الله، فيقول: إنما هذه الصلاة أقيمت لك، فيتقدم المهدي ويقتدي به عيسى -عليه السلام- إشعارًا بأنه من جملة الأمة، ثم يصلي عيسى -عليه السلام- في سائر الأيام، قال علي بن محمد القاري في كتابه "الموضوعات الكبير" بأنه حديث موضوع".
والجواب: أن يقال: إن ابن محمود قد نقل ههنا كلام علي القاري من كتابه المسمى "بالأسرار المرفوعة، في الأخبار الموضوعة"، ولم يذكر أنه كلام القاري، وهذا خلاف الأمانة في النقل، ثم إنه أسقط من أول كلام القاري كلمة تخالف رأيه وتهدم مراده، وهي قول القاري بعد أن ذكر فضائل بيت المقدس: "وكذا ثبت أن المهدي مع المؤمنين، يتحصنون به من الدجال .... " إلى آخر كلامه الذي ساقه ابن محمود ولم ينسبه لقائله، ولما انتهى كلام القاري تقوَّل عليه ابن محمود ونقل عنه خلاف ما في أول كلامه، وقد ذكرت كلام القاري في أثناء الكتاب مع الرد على قول ابن محمود في صفحة (9): إن الذهبي وعلي القاري قالا في حديث صلاة ................................................................