بمثلها، فقال ذلك لهم ما شاء الله كل ذلك يقولون له، قال: «فإنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض».
وقال ابن محمود في صفحة (48) وصفحة (49): "الحديث السابع: روى الإمام أحمد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة». وقد رأيت من ينتقد هذا الحديث قائلا: والعجيب أن يكون المهدي بعيدًا عن التوفيق والفهم والرشد، ثم يهبط عليه الصلاح في ليلة ليكون في صبيحتها داعية هداية منقذ أمة، ورواه ابن ماجة عن عثمان بن أبي شيبة، وقال: ياسين العجلي ضعيف، فهذا من جملة الأحاديث التي فيها التصريح باسم المهدي لكنها ليست بصحيحة كما أشار ابن ماجة إلى تضعيفه، ومن الأمر العجيب في هذا الحديث كون المهدي بعيدًا عن الهداية والتوفيق والرشد، ثم يهبط عليه الصلاح في ليلة فيكون في صبيحتها هاديًا مهديًا، ومنقذ أمة من جورها وفجورها".
والجواب: أن يقال: أما حديث علي -رضي الله عنه- فهو حديث حسن، وقد صحَّحه أحمد محمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد، وقد ذكرت كلام العلماء في ياسين العجلي في أول الكتاب فليراجع (?).
وأما قوله: وقد رأيت من ينتقد هذا الحديث ..... إلى آخره.
فجوابه: أن يقال: هذا الكلام لأبي عبية في تعليقه على النهاية لابن كثير، وقد ذكرته في صفحة (9) من الجزء الثاني من كتابي "إتحاف الجماعة"، وقلت في الجواب عنه: "من علم أن الله على كل شيء قدير، وأن الخير كله في يديه، وأنه إذا أراد بعبد خيرًا هيَّأه لذلك متى أراد، لم يكن عنده شك ولا ارتياب فيما جاء في هذا الحديث، وأما استبعاد ذلك والتعجب من وقوعه فإنما هو ناشئ عن التردد في كمال قدرة الرب -تبارك وتعالى- ونفوذ مشيئته وإرادته".
وقوله: يصلحه الله في ليلة يحتمل معنيين؛ أحدهما: أن يكون المراد بذلك أن الله يصلحه للخلافة أي يهيؤه لها، والثاني: أن يكون متلبسًا ببعض النقائص، فيصلحه الله ويتوب عليه، وهذا المعنى هو الذي قرره ابن كثير في كتابه "النهاية" مع الكلام على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في ذكر الرايات السود التي تخرج من خراسان لنصرة المهدي وإقامة سلطانه.