وأما قوله: ولقد صرح السيوطي في كتاب "اللآلئ المصنوعة" بأنه موضوع، والموضوع هو المكذوب على الرسول.
فجوابه: أن يقال: هذا من التقول على السيوطي، فإنه لم يقل في هذا الحديث إنه موضوع، وإنما ذكره مع الأحاديث الواردة في الأبدال ولم يتكلم فيه بشيء، وذلك أنه أورد الأحاديث التي ذكرها ابن الجوزي وقال: إنها موضوعة، ثم قال بعد إيرادها: "وقد ورد ذكر الأبدال من حديث علي، أخرجه أحمد في مسنده وسنده حسن، ومن حديث عبادة بن الصامت، أخرجه أحمد وسنده حسن، ثم ذكر جملة من الأحاديث الواردة في الأبدال، ولم يتكلم فيها بشيء ... إلى أن قال: ومن حديث أم سلمة، أخرجه أحمد، وابن أبي شيبة، وأبو داود في سننه، والحاكم والبيهقي" هذا ما ذكره السيوطي في صفحة (332) من الجزء الثاني من "اللآلئ المصنوعة"، وقد أورده أيضًا في رسالة له في ذكر الأبدال، وهي مذكورة في الجزء الثاني من "الحاوي للفتاوي"، ذكره في صفحة (249) ولم يتعقبه بشيء، وأورده أيضًا في رسالته التي جمعها في أخبار المهدي وسماها "العرف الوردي، في أخبار المهدي" وهي في الجزء الثاني من "الحاوي للفتاوي"، وحديث أم سلمة -رضي الله عنها- مذكور في صفحة (59) منه، ولم يتكلم فيه بشيء.
ومما ذكرنا يعلم ما في كلام ابن محمود من التقول على السيوطي، وقد ذكرت فيما تقدم أنه قد نسب إلى عدد كثير من العلماء أقوالا لا تعرف عنهم، وهذا خلاف الأمانة في النقل، فلا يغتر أحد بنقول ابن محمود، فإنها غير مضبوطة، والله يسامحه ويغفر لنا وله.
وأما قوله: ولما قتل ابن الزبير ألزم الحجاج الناس بأن يبايعوا لعبد الملك بن مروان بين الركن والمقام، أفيقال إنه هو؟
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن أقول: إني لم أر أحدًا من المؤرخين الموثوق بهم في النقل ذكر أنه بويع لعبد الملك بن مروان بين الركن والمقام، وإنما روى ابن سعد عن الواقدي قال: "حدثني عبد الجبار بن عمارة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: دخل الحجاج مكة فبايع من بها من قريش لعبد الملك بن مروان، ورواه ابن جرير في تاريخه من طريق ابن سعد، وذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" نحو ذلك.