العراقي، وابن حجر العسقلاني على هذا القول، وقال ابن القيم في كتابه "المنار المنيف": "الحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح"، وفيما ذكرته عن هؤلاء الأئمة أبلغ رد على ابن محمود، وإذا تعارض قول ابن محمود وأقوال الأئمة الذين ذكرنا، فهل يقول عاقل إنه يقبل قول ابن محمود وترد أقوال الأئمة الحفاظ النقاد؟ كلا، لا يقول ذلك عاقل، بل أقوال الحفاظ النقاد هي المقبولة، وما خالفها من توهمات ابن محمود وتخرصاته فهو مردود عليه.

وأما قوله: ويبعد كل البعد أن يصدر هذا الخبر عن أم سلمة.

فجوابه: أن يقال: بل البعيد كل البعد إنكار هذا الحديث الثابت واستبعاد صدوره عن أم سلمة -رضي الله عنها-، وقد روى الإمام أحمد ومسلم من حديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- ما يشهد لهذا الحديث، وذلك في قصة الجيش الذي يخسف به بالبيداء، وروى الإمام أحمد أيضًا عن حفصة -رضي الله عنها- نحوه، ورواه مسلم إلا أنه قال: عن أم المؤمنين ولم يقل حفصة، وقد ذكرت هذه الأحاديث وما في معناها في أول الكتاب فلتراجع (?).

وأما قوله: إنها ليست معروفة برواية الحديث كهذا.

فجوابه أن يقال: وهل يظن ابن محمود أن كلامه هذا يحط من شأن هذا الحديث أو يؤثر فيه، وهل يظن أنه قد بلغ في معرفة العلل مبلغ شعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأمثالهم حتى يقبل تعليله لهذا الحديث.

ويقال أيضًا: قد روى حديث أم سلمة -رضي الله عنها- جماعة من أهل العلم بالحديث والعلل والرجال؛ منهم الإمام أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم، والطبراني، ولم يقدح فيه أحد منهم، ولم ينكر أحد منهم روايته عن أم سلمة -رضي الله عنها-، وقد تلقاه أهل العلم بالقبول، وصرَّح بعضهم بتصحيحه كما تقدم ذكره، وفي هذا أبلغ رد على ابن محمود.

وأما قوله: وبطلانه يظهر من دراسته.

فجوابه: أن يقال: هذه مجازفة مردودة بتصحيح من صححه من العلماء الذين تقدم ذكرهم، ولو كان الحديث باطلا ما سكت عليه أبو داود والمنذري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015