قال النووي: "سواء كان ذلك الهدي والضلالة هو الذي ابتدأه، أم كان مسبوقا إليه". انتهى، وروى الترمذي، وابن ماجة، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «طوبى لعبد جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر».
وإذا علم هذا فليعلم أيضًا، أن ما دعا إليه ابن محمود من إنكار خروج المهدي في آخر الزمان، فهو قول سوء وضلالة، وسوء اعتقاد بلا شك، فلا يجوز للمسلم أن يتحد مع ابن محمود على هذا الاعتقاد السيئ، المخالف للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما كان عليه أهل السنة والجماعة من زمن الصحابة إلى زماننا، وما يؤمن ابن محمود أن يكون عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، واغتر برسالته.
وأما قوله في صفحة (3): "لأنني وإن كنت أرى في نفسي أنني أصبت في الرسالة مفاصل الأنصاف والعدل، ولم أنزع فيها إلى ما ينفاه الشرع أو يأباه العقل، لكنني فرد من بني الإنسان، الذي هو محل للخطأ والنسيان".
فجوابه أن يقال: ما رآه ابن محمود في نفسه من إصابة مفاصل العدل والإنصاف في رسالته، فهو شبيه بما يراه النائم في نومه من أضغاث الأحلام، التي يرى في حال نومه أنها حق، فإذا استيقظ من نومه لم يجد لشيء منها حقيقة، وكذلك ابن محمود، فإنه لو استيقظ من سباته وراجع الحق، لتبين له أن رسالته بعيدة كل البعد عن مفاصل العدل والإنصاف، وأنه قد نزع فيها إلى ما يحرمه الشرع، ويأباه العقل السليم؛ من رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ثم جعل يتلو هذه الآية {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *} ".
ولا شك أن ابن محمود قد اخطأ خطًا كبيرًا في رده للأحاديث الصحيحة، فيجب عليه أن يراجع الحق ولا يصر على المخالفة، فقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة