وقال -تعالى-: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} الآية، وقال -تعالى-: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ}، وقال -تعالى-: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ}، وقال -تعالى-: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي يذكر الله فيها رجالا من بني آدم، لا يعرفهم الناس بأسمائهم ولا بأعيانهم، وهم في عالم الغيب منذ فارقوا الدنيا، وليسوا ملائكة ولا رسلا، ومع هذا فالإيمان بما أخبر الله به عنهم واجب على كل مسلم، ومن لم يؤمن بذلك فليس بمسلم.
وكذلك قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجال من الماضين بقصص كثيرة؛ مثل حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فتوسلوا إلى الله -تعالى- بصالح أعمالهم ففرج عنهم. وهو في الصحيحين، وحديث الأبرص والأقرع والأعمى. وهو في الصحيحين، وحديث الرجل الذي استسلف من رجل ألف دينار. وهو في صحيح البخاري ومسند أحمد، وحديث الرجل الذي اشترى من رجل عقارًا فوجد في العقار جرة فيها ذهب. وهو في الصحيحين، وحديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا ثم سأل هل له من توبة. وهو في الصحيحين، وحديث الرجل الذي ركب البقرة فكلمته البقرة، وفيه خبر الرجل الذي كلمه الذئب. وهو في الصحيحين. إلى غير ذلك مما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بعض الماضين، ممن لا يعرفهم الناس بأسمائهم ولا بأعيانهم، وليسوا ملائكة ولا أنبياء، وكذلك قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج القحطاني والجهجاه في آخر الزمان، وأخبر أيضًا عن الخليفة الذي يكون في آخر الزمان يحثو المال حثوًا ولا يعده عدًا، وأخبر أيضًا بخروج الدجال، وأخبر أيضًا عن المؤمن الذي يقتله الدجال ثم يحييه، وهؤلاء كلهم من بني آدم، وهم الآن مجهولون وفي عالم الغيب، وسيخرجون إلى الوجود في آخر الزمان، وليسوا ملائكة مقربين ولا أنبياء مرسلين، ولا يأتون بدين جديد، ومع هذا فالإيمان بخروجهم في آخر الزمان واجب على كل مسلم، ومن لم يؤمن بخروجهم فهو فاسد العقيدة وإسلامه مشكوك فيه؛ لأنه لم يحقق الشهادة بالرسالة، وقد تقدم الجواب عن هذه الجملة من كلام ابن محمود مبسوطًا مع الكلام على قوله في ...................