الراحة والفرح والأمان والاطمئنان والسلامة من الزعازع والافتتان.
والجواب عن هذا من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن التصديق بالمهدي الذي يخرج في آخر الزمان كالتصديق بخروج القحطاني والجهجاه، والخليفة الذي يحثو المال حثوًا ولا يعده عدًا، وكالتصديق بخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام-، وخروج يأجوج ومأجوج، وغير ذلك من أشراط الساعة التي جاء ذكرها في الأحاديث الصحيحة، فكما أن التصديق بهذه الأمور لا يترتب عليه شيء من المضار والمفاسد والفتن، فكذلك التصديق بخروج المهدي الذي بشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه وأخبر أنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، وكما أن الإيمان بهذه الأشياء واجب، فكذلك الإيمان بخروج المهدي لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل ما ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب فالإيمان به واجب؛ لأن ذلك من تحقيق الشهادة بأن محمدًا رسول الله.
الوجه الثاني: إن ابن محمود زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينزه عن الإتيان بمثل أحاديث المهدي، وهذا من أغرب الأقوال وأشدها نكارة، وكيف ينزه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإخبار ببعض المغيبات التي ستكون في آخر الزمان؟ وكيف ينزه عن الأخبار برجل من أهل بيته يملك في آخر الزمان، ويعمل بالسنة ويملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا؟ فهذا القول الباطل من ابن محمود ينبغي لكل عاقل أن يتنزه عن الإصغاء إليه.
وأما قوله: فإن الله في كتابه وعلى لسان نبيه لا يوجب الإيمان برجل مجهول في عالم الغيب، وهو من بني آدم، ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه مما يجب الإيمان به.
فجوابه: أن يقال: هذا من القول على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم، وما أعظم ذلك وأعظم خطره.
ويقال أيضًا: قد أخبر الله -تعالى- في كتابه عن عدة رجال من الأمم الماضية، ممن لا يعرفهم الناس بأسمائهم ولا بأعيانهم، وهم من بني آدم، وفي عالم الغيب منذ فارقوا الدنيا إلى يوم البعث والنشور، فقال -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}، ............................................