ذهبت بالكلية.

وما لزم عليه هذا القول فبطلانه وفساده لا يخفي على عاقل، بل لا يشك عاقل أنه من الهذيان الذي قيل من غير تدبر ولا تعقل، وأما بقية كلام ابن محمود الذي هو غاية في التخليط والتلبيس فقد تقدم الجواب عنه في عدة مواضع، فلتراجع (?).

وأما قوله: والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده أن اعتصمتم به كتاب الله وسنتي».

فجوابه: أن يقال: من الاعتصام بكتاب الله -تعالى- وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - تصديق ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب، ومن ذلك إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي، فمن لم يصدق بذلك فاعتصامه بالكتاب والسنة مخدوش ومدخول؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، وقال -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}، وقال -تعالى-: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: «اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق». رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والدارمي، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وروي الطبراني في الأوسط عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة؛ الله، ورسوله، والذي حدث به». وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في أول الكتاب، فليراجع (?).

ومن لم يُسلِّم لأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، وقابل أخباره الصادقة عنه بالرد والإطراح، فهو داخل في حكم حديث جابر -رضي الله عنه-، ويخشى عليه أن يسلب الاعتصام بالكلية، عياذًا بالله من ذلك.

وأما قوله: لهذا صرنا في غنى وسعة عن دين وعدل يأتي به المهدي.

فجوابه: أن يقال: أما الإتيان بدين جديد - وهو الذي قصده ابن محمود وكرر .......

طور بواسطة نورين ميديا © 2015