في الأرض. يقول الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله وسنتي». لهذا صرنا في غنى وسعة عن دين وعدل يأتي به المهدي، فلا مهدي بعد رسول الله كما لا نبي بعده".

والجواب عن هذا من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: أما قول ابن محمود: إن الدين كامل بوجود رسول الله. فمفهومه أن الدين قد نقص بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبق على كماله، وهذا لا يقوله عاقل.

وأما قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخلف شيئًا منه لا في السماء ولا في الأرض. فمعناه أن الدين قد ذهب بالكلية بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث لم يخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه شيئًا، وهذا في الحقيقة من الهذيان الذي حصل لا بن محمود بعد توسعه في العلوم والفنون.

الوجه الثاني: أن يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبعث إلى أهل السماء، فلا يصح أن يقال إنه خلف فيها شيئًا من الدين أو لم يخلف، وأما الأرض فقد خلف فيها الدين كاملا لم ينقص بموته، والدين هو ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب والسنة يقرؤهما المسلمون ويعمل الموفقون منهم بما فيهما، وهذا معلوم بالضرورة. وقد روى الإمام أحمد ومسلم، عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته بين مكة والمدينة: «أما بعد، ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين؛ أولهما كتاب الله -عز وجل- فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه» الحديث، وروى مالك في الموطأ بلاغًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما؛ كتاب الله، وسنة رسوله» وقد رواه الحاكم في مستدركه موصلا من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وصححه وأقرَّه الذهبي، وروى الحاكم أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على قول ابن محمود: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخلف شيئًا من الدين في الأرض.

ويلزم على قول ابن محمود: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخلف شيئًا من الدين في الأرض أن يكون القرآن قد رفع من الأرض بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن تكون السنة قد ..............

طور بواسطة نورين ميديا © 2015