المهدي فتجد بعضهم ينكرها ويطعن فيها، ولا فرق عندهم بين الصحيح والحسن منها، وبين الضعيف والموضوع، فكلها عندهم على حد سواء، ومنهم من يؤيد عبادة القبور والغلو في الأموات، ولهم في ذلك مصنفات معروفة، ومنهم من ينكر وجود الجن ووجود السحر، ومنهم من يزعم أن قرين ابن آدم من الملائكة وقرينه من الجن عبارة عن نوازع الخير والشر في الإنسان، ومنهم من يزعم أن خروج الدجال عبارة عن انتشار الشر، وأن نزول عيسى ابن مريم عبارة عن انتشار الخير، إلى غير ذلك من توهمات العصريين وتخرصاتهم، التي هي عند ابن محمود من إشباع البحث تحقيقًا وتدقيقًا وتمحيصًا وتصحيحًا، وقد ذكر الشيخ محمد بن يوسف الكافي في صفحة (120) من كتابه "المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية" أن الذين خرجوا على جمال الدين الأفغاني والذين تخرجوا على من تخرج عنه يفسرون القرآن برأيهم، وينكرون بعض ما ثبت في الشرع، ويعتمدون على أقوال الكفار، ويهجرون قول الله وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الراسخين في العلم من المسلمين، وعندهم كلام الله -تعالى- ككلام البشر يتصرفون فيه بغير علم، ثم ذكر الكافي عنهم بعض الأقوال المنحرفة ورد عليهم، فمن أحب الوقوف على ذلك فليطالع الكتاب المذكور، وليطالع أيضًا كتابه المسمى "بالأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية" وهو رد على رشيد رضا، وكذلك رد الشيخ عبد الله بن علي بن يابس علي شلتوت وهو المسمى "إعلام الأنام بمخالفة شيخ الأزهر شلتوت للإسلام"، ففي هذه الكتب رد على من زعم أن العصريين يشبعون البحث تحقيقًا وتدقيقًا وتمحيصًا وتصحيحا، ومن كان اعتماده على كتب العصريين وبحوثهم وتحقيقهم وتدقيقهم وتمحيصهم وتصحيحهم فلا شك أنه مزجى البضاعة، ومن أراد العلم النافع فليطالع كتب الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من أكابر العلماء المتقدمين، وكذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب تلاميذه وتلاميذ تلاميذه وأمثالهم من المحققين، ففيها من البحوث النافعة والتحقيق والتدقيق والتمحيص والتصحيح ما لا يوجد في غيرها من الكتب، والله الموفق.
وأما قوله: وقد قرروا قائلين إن أساس دعوى المهدي مبني على أحاديث محقق ضعفها وكونها لا صحة لها، ولم يأت حديث منها في البخاري ومسلم مع رواج فكرتها في زمنها، وما ذاك إلا لعدم صحة أحاديثه عندهما.
فجوابه: أن يقال: هذا الكلام مأخوذ من كلام رشيد رضا وأحمد أمين؛ فأما ........