الجزء الثالث من كتابه ضحى الإسلام أن فكرة المهدية مأخوذة من عقائد الشيعة والقائلين برجعة الأئمة، وزعم أيضًا في صفحة (241) من الجزء الثالث أن فكرة المهدي لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية، ثم قال: "ففي نظري أنها نبعت من الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها، وذلك بعد خروج الخلافة من أيديهم وانتقالها إلى معاوية، وقتل عليٍّ وتسليم الحسن الأمر لمعاوية ... ،- إلى أن قال في صفحة (243) -: واستغل هؤلاء القادة المهرة أفكار الجمهور الساذجة المتحمسة للدين والدعوة الإسلامية، فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الطاهرة، ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وأحكموا أسانيدها وأذاعوها من طرق مختلفة، فصدقها الجمهور الطيب لبساطته، وسكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم، وسكت الأمويون لأنهم قلدوها في سفيانيهم، وسكت العباسيون لأنهم حولوها إلى منفعتهم، وهكذا كانت مؤامرة شنيعة افسدوا بها عقول الناس". انتهى.
وإذا علم أن كلام ابن محمود مأخوذ من كلام أحمد أمين إلا أنه قد غير فيه في بعض الكلمات، وأن أحمد أمين قد قال في المهدي ما قال معتمدًا على ما وقع في نظره، فليعلم أيضًا أن ابن محمود قد ذم التقليد والمقلدين في صفحة (8) من رسالته، وقال إن المقلد لا يعد من أهل العلم، فقد أثبت على نفسه أنه لا يعد من أهل العلم؛ لأنه مقلد لأحمد أمين في نظره المخالف للأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك من أقبح التقليد.
الوجه الرابع: أن يقال: إن علماء الإسلام لم يأخذوا من أفكار الشيعة في مهديهم المزعوم ولم يقتبسوا من عقائدهم الفاسدة وأحاديثهم المكذوبة، وإنما اعتمدوا على ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسانيد الصحيحة والحسنة، مما لا يرده إلا جاهل أو مكابر معاند.
الوجه الخامس: أن يقال: إن الشيعة هم الذين اقتبسوا اسم المهدي من عقائد أهل السنة وأحاديثهم، ثم ادعوا هذا الاسم في أشخاص لا ينطبق عليهم اسم المهدي ولا سيرته، وكذلك كل من ادعى المهدية كذبًا وزورًا، فإنما اقتبسوا ذلك من الأحاديث الواردة في المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، ولكنهم طبقوها على من لا تنطبق عليه من أهل الجور والظلم والعدوان؛ مثل مهدي القرامطة، وابن التومرت، والباب، والقادياني، وصاحب جهيمان، وأضرابهم من المدعين للمهدية كذبًا وزورًا.