الخُلُق ولا يشبهه في الخَلق يملأ الأرض قسطًا". فأما حديث: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» فضعيف، فلا يعارض هذه الأحاديث" انتهى. وقد صحَّح الذهبي أيضًا في تلخيص المستدرك عدة أحاديث من أحاديث المهدي، وضعَّف أحاديث أخر، ومن الأحاديث التي صححها حديث زر بن حبيش، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال الذهبي فيه: "صحيح"، ومنها حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال فيه الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي على ذلك، ورواه الحاكم أيضا من وجه آخر وصححه، ووافقه الذهبي على ذلك. وقد تقدم إيراد هذه الأحاديث في أول الكتاب فلتراجع (?)، ففيها رد على من تقوَّل على الذهبي، وزعم أنه ممن ضعف أحاديث المهدي واعتبرها مما لا يجوز النظر فيه.
وأما قول محمد فريد وجدي في أحاديث المهدي: وقد أوردناها مجتمعة لتكون بمرأى من كل باحث في هذا الأمر، حتى لا يجرؤ بعض الغلاة على التضليل بها على الناس.
فجوابه: أن يقال: إن الأحاديث الواردة في المهدي كثيرة جدًا، وقد قال الشوكاني فيما نقله عنه صاحب "تحفة الأحوذي": "الذي أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر خمسون حديثًا، وثمانية وعشرون أثرًا. ثم سردها مع الكلام عليها، ثم قال: وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع". انتهى.
وإذا علم هذا، فليعلم أيضًا أن محمد فريد لم يذكر من الأحاديث الواردة في المهدي إلا نزرًا يسيرًا، وأكثر ما ذكر فيه من الموضوعات، وقد ذكرت في أول الرد عليه أنه لم يذكر مما ورد في المهدي من الأحاديث الصحيحة والحسنة شيئًا، وكذلك الأحاديث الضعيفة، فإنه لم يذكر منها إلا حديثين أو ثلاثة، مع أنها كثيرة جدًا، ومع هذا يقول أنه قد أورد أحاديث المهدي مجتمعة، وهذا القول بعيد من الصواب كما لا يخفى على من طالع "دائرة المعارف".