خلاف ما زعمه المبتلي بقلب الحقائق.
وأما قوله: ويوقع في الناس الافتتان بين مصدق ومكذب.
فجوابه: أن يقال: قد قال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ *}، وما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب فهو من الحق الذي أوحاه الله إليه، فمن صدق به فهو مصدق بالحق، ومن كذب به فهو مكذب بالحق، ولا فرق في ذلك بين إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي، وبين إخباره عن غيره من الأمور الماضية والأمور التي ستقع في آخر الزمان، وما يكون بعد قيام الساعة، فكل ذلك من باب واحد، يجب الإيمان به، ولا يجوز رده ولا رد شيء منه.
وقال ابن محمود في صفحة (16): "مع العلم أن أحاديث المهدي ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة، بل هي كلها مجروحة وضعيفة، والجرح مقدم على التعديل، وقد رجَّح أكثر العلماء المتأخرين من خاصة أهل الأمصار بأنها كلها مكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهي حديث خرافة سياسية إرهابية، صيغت وصنعت على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صنعها غلاة الزنادقة لما زال الملك عن أهل البيت، فأخذوا يرهبون بها بني أمية ويوعدونهم بأنه سيخرج المهدي وقد حان خروجه، فينزع الملك من بني أمية، ثم يرده إلى أهل بيت رسول الله، إذ إنهم أحق به وأهله".
والجواب: أن يقال: أما قوله: إن أحاديث المهدي ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة، بل كلها ضعيفة ومجروحة، فقد تقدم الجواب عنه في الكلام على قول ابن محمود في صفحة (4): وفي الحقيقة إنها كلها غير صحيحة ولا متواترة. فليراجع ما تقدم (?).
وقد ذكرت فيما تقدم أقوال الأئمة الذين صححوا بعض أحاديث المهدي وحسنوا بعضها؛ ومنهم الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والعقيلي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، والهيثمي وقد أقره على تصحيح ما صححه وتحسين ما حسنه الحافظان؛ زين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني؛ لكونهما قد حررا مجمع الزوائد مع الهيثمي. ومن المتأخرين ابن حجر الهيتمي، والشوكاني، وصديق بن ..................