فجوابه: أن يقال: إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- لم ينفرد بتصحيح بعض الأحاديث الواردة في المهدي، ولم يكن أول من قال بتصحيحها، بل قد سبقه إلى تصحيح بعضها عدد كثير من أكابر العلماء؛ ومنهم الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والعقيلي.
وكذلك قد صحح بعضها غير واحد من الحفاظ النقاد الذين كانوا في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية؛ كالذهبي، وابن القيم، وكذلك من كان بعدهم من أكابر العلماء ومنهم؛ نور الدين الهيثمي، والحافظان؛ زين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني، وهذان الحافظان قد حررا مجمع الزوائد مع الهيثمي، وأقراه على ما قاله فيه من التصحيح والتحسين، وكذلك غيرهم من المتأخرين؛ كابن حجر الهيتمي، والشوكاني، وصديق بن حسن، وصاحب "عون المعبود"، وصاحب "تحفة الأحوذي"، وأحمد محمد شاكر وغيرهم، وصرَّح غير واحد من الحفاظ النقاد ممن كان زمانهم قبل زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وممن كانوا في زمانه وبعد زمانه أن أحاديث المهدي متواترة، وبهذا يعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ليس بدعا في إثبات خروج المهدي ولا في تصحيح بعض الأحاديث الواردة فيه، فمن عابه بذلك ورماه بالخطأ والتقصير من أجل ذلك، وزعم أن ذلك من زلاته ومن الاعتقاد السيئ، فالعائب هو المعيب في الحقيقة، وهو الذي قد أساء الاعتقاد وارتكب الخطأ والتقصير، وزلَّ أقبح زلة، ويلزم على قوله إطلاق ما ذكره من الصفات الذميمة على جميع من ذكرنا من الأئمة الحفاظ النقاد الذين قالوا مثل قول شيخ الإسلام ابن تيمية في إثبات خروج المهدي، وصحة بعض الأحاديث الواردة فيه ممن كانوا قبل الشيخ ومن كانوا بعده، وهذا قول سوء يتنزه عنه كل ذي عقل ودين.
وقال ابن محمود في صفحة (13) وصفحة (14): "وفي البخاري: أن موسى لما لقي ذا القرنين في مجمع البحرين، وهاله ما رآه من تصرف ذي القرنين؛ من قتله للغلام، وبنائه للجدار الذي يريد أن ينقض، وخرقه لسفينة المساكين الذين يعملون فيها في التكسب في البحر، فضاق صدر موسى من تصرفه وعيل صبره، فأراد أن يفارقه، فقال له ذو القرنين: يا موسى، أنت على علم من الله لا أعلمه أنا، وأنا على علم من الله لا تعلمه أنت".
والجواب: أن يقال: ما قرره ابن محمود في هذه الجملة؛ من أن الذي لقيه موسى .....